للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى مفكرو الصهيونية التوطينية أن حركة الاستنارة في الولايات المتحدة حققت نجاحاً كاملاً، وحقق اليهود اندماجاً واضحاً، وليس لديهم ما يدفعهم للعودة إلى أرض الميعاد. فظروفهم طيبة جداً، كما أنهم ليسوا ضحية للاضطهاد العنصري، وكذلك فإن أمريكا ليس لها تاريخ مسيحي طويل يلعب فيه اليهود دور الشرير وقاتل الرب (بل إن التجار اليهود أسهموا في حرب الاستقلال الأمريكية نفسها) . ويبحث الحاخام سيلفر تواريخ الجماعات اليهودية، ليجد بعض السوابق التاريخية التي يمكنه عن طريقها أن يُعدِّل ويهذِّب الأسطورة الصهيونية المطلقة وقراءتها المتحيزة للتاريخ. وهو يجد هذه الحقائق والوقائع بالفعل، فيبين أن اليهود منذ قديم الأزل عاشوا داخل وخارج فلسطين. ففي القرن الأول قبل الميلاد، وذلك قبل تحطيم الهيكل الثاني على يد الرومان، كانت أغلبية اليهود تعيش خارج فلسطين: خمسة ملايين ونصف يعيشون خارجها بينما كان تعداد يهود الدولة يبلغ مليونين ونصف فقط. ومع هذا، ظل اليهود الذين يعيشون خارج فلسطين يهوداً.

والوضع نفسه يسري على يهود العالم الذين سيتخذون الموقف نفسه من دولة إسرائيل، فيهود إسرائيل سيظلون إسرائيليين، أما يهود الولايات المتحدة فسيظلون أمريكيين. وعلى كلٍّ، لا تستطيع إسرائيل أن تضم كل يهود العالم. بل إن الحاخام سيلفر يحاول أن يضفي طابعاً صوفياً على ظاهرة بقاء اليهود في الشتات (أنحاء العالم) بعد ظهور إسرائيل، وذلك بتأكيده أن المنفى ليس مصدر بلاء خالص بل هو حقيقة ينبغي الترحيب بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>