للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويهاجم كابلان الصهاينة الذين يحاولون فَرْض نظرية تربوية تهدف إلى تنمية الحنين لدى الطفل اليهودي للهجرة وإلى غَرْس الإحساس في وجدانه بأنه لا يمكنه أن يحيا حياة سوية في الدياسبورا ولا يمكنه الاحتفاظ بهوية مستقلة. والواقع أن هذه المفاهيم لها نتائج هدامة على سعادة الطفل وعلى شخصيته (كما يقول كابلان) ، فهي تطلب منه أن يحيا حياة غير عادية دون أن تفسر له الأسباب. ويشير كابلان إلى أن الافتراض الصهيوني بأن اليهودي من المستحيل أن يشعر وكأنه في وطنه ضمن بيئة غير يهودية هو افتراض مبني على اليأس أو على الاستسلام والقدرية. ولذا، فإن على اليهودي التوطيني أن يشعر (حينما يذهب لزيارة أرض إسرائيل لخدمة شعبها) تماماً مثل أي أمريكي يقوم بعمل تبشيري أو ثقافي خدمة لمختلف الشعوب في الشرق الأقصى.

تدور الصهيونية التوطينية حتى الآن في إطار فكر حركة الاستنارة الليبرالي التعاقدي (وفي إطار صورة مجازية ذرية آلية) . ولكن الصورة المجازية العضوية تبدأ في الظهور، فالانعتاق ليس انعتاق أفراد وحسب وإنما ينبغي أن يتم بشكل جماعي قومي. فالانعتاق هو منح الحرية للفرد والجماعة في آن واحد، حتى يتسنَّى للفرد أن يعبِّر عن نفسه من خلال حياته المشتركة مع مجموعته القومية. والصهيونية ليست ضد الاندماج وإنما هي ضد الاندماج الذي يؤدي إلى فقدان الذات والانصهار الكلي للأقليات. ولذا، فإن الرؤية النهائية هي رؤية مبنية على التنوع تؤيد انسجام وتنظيم الجماعات العضوية المختلفة بشكل تعاوني لإيجاد حياة مشتركة، ولكنها لا تؤيد دَمْج الفوارق لتزول وتصبح ذاتاً واحدة. والتأرجح هنا، بين الرؤية التعاقدية الآلية والرؤية العضوية، هو محاولة للتوصل إلى عقد اجتماعي بين أقليات أو قوميات عضوية تود كل واحدة منها الاحتفاظ بإثنيتها مع انتمائها إلى المجتمع الأمريكي، فكأن الإثنية جزء من كل، وهي الرؤية التي يستند إليها العقد الاجتماعي الأمريكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>