وبسبب هذا الترادف أو التَوحُّد أو الترابط أو التلازم بين الرؤية المعرفية العلمانية والرؤية المعرفية الإمبريالية، فإننا نشير إليهما باعتبارهما «الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية» . ولعل الاختلاف بين العلمانية والإمبريالية هو اختلاف في مجال التطبيق وليس في الرؤية نفسها، فالرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية تُعبِّر عن نفسها من خلال عمليتين تاريخيتين متزامنتين متعاقبتين متشابهتين، وهما عمليتان متكاملتان لا يمكن أن نراهما كسبب ونتيجة (إلا لفترة مبدئية وجيزة) فالأسباب نتائج والنتائج أسباب. هاتان الظاهرتان هما الدولة (القومية) المطلقة والتشكيل الاستعماري الإمبريالي الغربي. فقد تبدت الرؤية المعرفية الإمبريالية على هيئة الدولة المطلقة في الداخل الأوربي وعلى هيئة التشكيل الاستعماري الغربي في الخارج العالمي. ورغم اختلاف المجال والآليات، ظلت الأهداف النهائية واحدة: ترشيد البشر وتسخيرهم وفرض الواحدية المادية على العالم وتحويله إلى مادة متجانسة متحوسلة.
ويمكن أن نرسم الصورة على النحو التالي:
هدف الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية:
فرض الواحدية المادية وحوسلة الطبيعة والإنسان في كلٍّ من الداخل الأوربي وفي الخارج العالمي
آلية التنفيذ ومجالها:
مؤسسات الدولة المطلقة في الداخل الأوربي وجيوش الدولة المطلقة في الخارج العالمي
فثمة اتفاق في الرؤية وفي الأهداف النهائية، واختلاف في آليات التنفيذ ومجاله، أي أن الظاهرتين هما ظاهرة واحدة على المستوى المعرفي: