٢ ـ تلتزم هذه الأعمال شبه الأدبية الخيالية الصمت الكامل حيال كثير من المشاكل مثل: ماذا لو رفض اليهود الانتقال إلى المدينة الفاضلة المزعومة؟ والأهم من هذا، ماذا سيحدث لسكان الأرض التي ستقام عليها المدينة الفاضلة؟ هل سيمتد العدل ليشملهم أم أن السكين تنتظرهم؟ ويمكن الاحتجاج بالقول بأن الأعمال الأدبية الخيالية لا تتعرض لمثل هذه التفاصيل ولا تتناولها بالسلب أو الإيجاب. ولكن الرد على مثل هذا القول هو أن هذه الأعمال الصهيونية تتوجه إلى كثير من التفاصيل، كما أن الخطاب الصهيوني الهلامي المراوغ قد لجأ إلى الحيلة نفسها فيما بعد، وهو عدم ذكر السكان الأصليين من قريب أو بعيد وتغييبهم تماماً.
ومن القصص الطوباوية الصهيونية الأولى قصة صورة العودة لإدموند أيسلر (١٨٥٠ ـ ١٩٤٢) وهو يهودي سلوفاكي كتب قصته عام ١٨٨٢ ونشرها بدون اسم عام ١٨٨٥. وتتحدث القصة عن هجرة جماعية لليهود من أوربا بسبب اضطهاد عام وجماعي لليهود فيها. وتقوم تلك الجماعة المهاجرة بإقامة دولة في فلسطين يحكمها ملك هو ألفريد (وهو اسم غير يهودي) الذي تنبأ بهذه الهجرة. وتدخل هذه الدولة حروباً مستمرة مع جيرانها وتنتصر عليهم جميعاً ثم يستقر السلام بعد ذلك.