للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجدير بالذكر أن اليهود الأرثوذكس في القدس لم يتحمسوا لأعضاء البيلو بل رأوا فيهم عامل إقلاق وامتصاص لجزء من أموال الحالوقاه (الصدقة) المُرسَلة من الخارج، ولذلك فقد ناصبوهم العداء. كما وقفت السلطات العثمانية ضد هؤلاء المستوطنين وحرَّمت هجرة اليهود الروس وشراء الأراضي في فلسطين، لكنهم تحايلوا على ذلك برشوة الموظفين الأتراك وتسجيل الأراضي بأسماء يهود من أوربا الشرقية ومن خلال بعض رعايا الدول الأجنبية ممن يتمتعون بالحماية التي تكفلها لهم الامتيازات الأجنبية.

على أن الظاهرة الجديرة بالملاحَظة هي الصراع الذي ما لبث أن نشب بين البيلو وبين عناصر الهجرة اليهودية الثانية الذين سُموا الرواد، وهم الذين اتهموا عناصر الموجة الاستيطانية الأولى بالاندماج مع العرب والإقامة في المدن مع استخدام العامل العربي في الزراعة بل التحدث باللغة العربية وارتداء الأزياء العربية. وقد ترتَّب على هذا الصراع إثارة واحدة من أهم قضايا الحركة الصهيونية في هذه الفترة وهي المعروفة بقضية العمل العبري.

كما أن أعضاء البيلو، برؤيتهم الرومانسية ومعاداتهم للغرب (وهي أفكار كانت منتشرة بين أعضاء الحركة الشعبوية في روسيا) ، كانوا يتصورون أنهم سيتبنون الحضارة الشرقية (العربية في هذه الحالة) ويصبحون جزءاً منها، وقد كتب بعضهم أعمالاً أدبية تمجد العربي وتحيطه بهالة رومانسية باعتباره «المتوحش النبيل» . ويظهر أعضاء البيلو في صورهم مرتدين اللباس العربي.

والواقع أن جماعة البيلو جماعة صهيونية جنينية اكتشفت معظم مكونات المشروع الصهيوني ومشاكله ولكنها لم تكتشف حتمية الاعتماد على الإمبريالية لوضع المشروع الصهيوني موضع التنفيذ. ومع هذا، يمكن القول بأن أعضاء الجمعية بدأوا يتحسسون طريقهم نحوها في اتجاههم نحو الباب العالي وروتشيلد. وقد جاء هرتزل واكتشف الآلية الكبرى لتنفيذ المشروع الصهيوني (أي الإمبريالية)

قديما

Kadima

<<  <  ج: ص:  >  >>