للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الأهم من ذلك هو حديثه عن الأرض فهو يقول يجب ألا يكون الحديث عن الأرض المقدَّسة وإنما عن مجرد أرض نملكها، أرض ذات مركز جيد ومساحة كافية لإسكان عدة ملايين تحددها بعثة خبراء تعطي رأيها بعد تحريات ودراسات عميقة. إن علمانية المصطلح وحداثته كان أمراً جديداً كل الجدة. ومع هذا، يتدارك بنسكر ويقول قد تعود الأرض المقدَّسة لنا، فإذا حدث هذا الشيء فهو أفضل بمعنى أنه لا يرفض تماماً الصهيونية الإثنية ويترك الباب مفتوحاً أمامها.

وقد توقَّع بنسكر معارضة معظم اليهود، ولذلك حاول أن يكون برنامجه أكثر وضوحاً وتفصيلاً إذ يفرِّق بين الصهيونيتين، فقسَّم اليهود إلى غربيين مندمجين (سعداء) ، وشرقيين (بؤساء) . أما بالنسبة للفريق الأول فهم اليهود الغربيون الذين يكوِّنون نسبة قليلة من السكان، ولذلك فحالهم في البلاد التي يعيشون فيها أحسن، ومن الأفضل لهم ألا يهاجروا. أما البلاد التي بلغ اليهود فيها درجة التشبع مثل روسيا (وبولندا التي كانت تتبعها) ، ورومانيا (أي شرق أوربا) ، فمن الأفضل لهم الهجرة (وهكذا يبدأ تقسيم العمل إلى صهيونية استيطانية وأخرى توطينية) . فالحديث ليس عن كل اليهود وإنما عن اليهود غير المندمجين في المجتمع والفائضين عنه، الذين يجب إرسالهم إلى مكان آخر (الوطن القومي) لأنهم كبروليتاريا تعيش عالة على أعضاء المجتمعات المضيفة. بل يضيف بنسكر بُعداً آخر يبلغ الغاية في الأهمية إذ يقرر أنه حتى أغنياء شرق أوربا بإمكانهم البقاء حيث هم، ومعنى هذا أنه يعرِّف الفائض إثنياً وطبقياً وليس قومياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>