يَصدُر هرتزل عن الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة، ولكنه طوَّر الخطاب الصهيوني المراوغ وهو ما فتح الباب لتهويد الصيغة الأساسية. وقد يكون الخطاب المراوغ أحد أهم إسهاماته في عملية تطوير الفكر الصهيوني والحركة الصهيونية، فهرتزل يقدم حله للأطراف المعنية بصياغة مراوغة تجعل من الصعب على أي طرف رفض الصيغة، إذ أنها ستُرضي الجميع وستتعايش داخلها التناقضات، وهي صيغة منفتحة جداً تسمح بكل التحورات والتلونات، كالحرباء كل شيء فيها يتغيَّر إلا عمودها الفقري (يستخدم هرتزل صورة الحرباء المجازية للإشارة إلى يهود الغرب في عصره الذين يتلونون ببيئتهم. وفي العصور الوسطى، كان يشار لليهود بأنهم إسفنجة تمتص أي شيء، وهما صورتان مجازيتان متقاربتان في أنهما يؤكدان عدم وجود حدود صلبة، حيث الداخل والخارج متماثلان أو متداخلان رغم وجود "داخل" و"خارج") . ويمكن القول بأن الصياغة الهرتزلية المراوغة هي محاولة أولية لتهويد الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة حتى تستطيع المادة البشرية المُستهدَفة استيعابها، أو هي على الأقل محاولة لفتح الصيغة الأساسية الشاملة المصمتة حتى يمكن استيعاب الديباجات اليهودية ومن ثم يمكن تهويدها.
وقد ساعدته الصياغة المراوغة على وضع إطار تعاقدي بين يهود الغرب والعالم الغربي، نشير إليه باعتباره «العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية» الذي يُعبِّر عن الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة. ولكن المراوغة جزء من اتجاه أهم وأشمل في كتابات هرتزل، فقد قرَّر تحديث فَهْم المسألة اليهودية وتحديث الحلول المطروحة ومحاولة تقديم حل رشيد. والواقع أن المفتاح الحقيقي لفهم كتابات هرتزل هو العنوان الفرعي لكتابه دولة اليهود: محاولة لحل عصري للمسألة اليهودية.