وقد قرأ هرتزل كلاسيكية دوهرنج عن معاداة اليهود عام ١٨٨٢ فتركت فيه أثراً عميقاً. ويبدو أنه اعتقد صحة ما جاء فيها أو تقبَّلها بشيء من التحفظ.
جـ (أساس إثني ثقافي.
كان هرتزل ينظر لليهودي (في عمله المسرحي الجيتو الجديد) من خلال الأنماط الإثنية لأدبيات معاداة اليهود، فاليهودي متسلق اجتماعياً وتاجر في البورصة وشخص يعقد زيجات من أجل المنفعة والمصلحة المالية. واليهود شخصيات كريهة خارجية طفيلية تشكل خطراً على القوميات العضوية في أوربا. وقد كان هرتزل يرى أن اليهود، بماديتهم الموغلة وألمانيتهم الفاسدة (اليديشية) ، يقومون بإفساد الروابط العضوية التي تربط أعضاء الفولك الألماني بعضهم ببعض، وتزخر يومياته بالمقارنات التي يعقدها بين الشخصية الألمانية المنفتحة الصحيحة والشخصية اليهودية العليلة.
ويبدو أن ادعاء الأرستقراطية كان من قبيل محاولة اللجوء إلى عالم الأغيار الرحب هرباً مما سماه «المادية اليهودية المفرطة» التي زادت بتَساقُط الدين اليهودي. ومن الطريف أن التواريخ الصهيونية ترى أن واقعة دريفوس هي التي هزت هرتزل وأعادته إلى يهوديته، ولكن المقالات التي كتبها لصحيفته عام ١٨٩٤ تدل على أنه كان مقتنعاً بأن الضابط اليهودي كان مذنباً، ولعل اقتناعه بوجاهة الاتهامات هو الذي قاده إلى الصهيونية. فالكره العميق لليهود واليهودية هو الأساس العميق الكامن للصهيونية.