وفي تَصوُّرنا أن عمومية الصهيونية العامة تكمن في عدم اكتراثها بالجوانب الخصوصية، فهي لا تصر على خصوصية الهوية اليهودية ولا على خصوصية المشاكل التي يواجهها المستوطنون الصهاينة في فلسطين. وهذه العمومية هي جزء لا يتجزأ من توطينية أتباع الصهيونية العامة ورفضهم التورط الكامل في المشروع الصهيوني باعتباره مشروعاً يهودياً وإصرارهم على غربيته أو على أن تأييدهم له ينبع من انتمائهم للغرب. ولذا، يمكن القول بأن الصهيونية العامة (على الأقل بالنسبة إلى عدد كبير من أعضائها في الخارج) هي الصهيونية التوطينية بعد وعد بلفور، فالتوطينيون قبل بلفور كانوا يخافون من أن يُتهَموا بازدواج الولاء، ولذا فقد أصروا على أن تظل الحركة الصهيونية حركة إنقاذ وإغاثة خارج أي إطار قومي. ومع تَبنِّي الدول الغربية نفسها للمشروع الصهيوني لم يَعُد هناك أي خوف من تهمة ازدواج الولاء، بل أصبح واجبهم الوطني هو الانضمام للصهيونية، وأصبحت صهيونيتهم جزءاً من وطنيتهم والعكس بالعكس (ومن ثم، فإن كثيراً من الصهاينة العموميين في الخارج هم من يُطلَق عليهم «صهاينة الدياسبورا» ) . ومع هذا، كان انتماء أعضاء هذا التيار للعالم الغربي، حيث تسود الديموقراطية الليبرالية والمشروع الحر، له أكبر الأثر في نفورهم من بعض أشكال الاستيطان الصهيوني الاشتراكية. وقد أظهروا معارضتهم له، رغم محاولتهم الابتعاد عن السياسة، فمثل هذه الأشكال الاشتراكية قد تُسبِّب لهم الحرج في مجتمعاتهم الليبرالية.
ولا تتطلب الصهيونية العامة من الصهيوني سوى الانتماء للمنظمة الصهيونية العالمية وسداد رسوم العضوية (الشيقل) وقبول برنامج بازل. وقد حاول هذا الاتجاه تثبيت أركان الاستيطان الصهيوني في فلسطين عن طريق جمع المال وتوظيف رؤوس الأموال لشراء الأراضي وتوطين المهاجرين في فلسطين، ثم اتّباع أسلوب المفاوضات الدبلوماسية لتحقيق مكاسب للحركة الصهيونية.