للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن أعضاء البورجوازية اليهودية المندمجة أو شبه المندمجة في الغرب ووسط أوربا (والتي جاء من صفوفها كثير من زعماء الصهيونية السياسية مثل هرتزل ونوردو) كانوا واعين بحقائق الموقف وبصعوبات الاستيطان. كما أنهم لم يكن يعنيهم، من قريب أو بعيد، شكل الدولة الصهيونية ما دامت تؤدي الأغراض المطلوبة منها مثل إبعاد يهود شرق أوربا عنهم والقيام بدور المدافع عن المصالح الإمبريالية. ولذلك، لم تمانع هذه القيادات البورجوازية في اتخاذ قرارات «اشتراكية» ثورية عديدة. فالنقطة الأولى في برنامج بازل تدعو إلى توطين اليهود في فلسطين بالوسائل اللازمة دون تأكيد أي محتوى طبقي أو نمط إنتاجي معيَّن. وبمرور الزمن، اكتشف جميع الصهاينة بشكل برجماتي أن الاستيطان الجماعي والعمالي هو أهم أشكال الاستيطان، فعملية تمويل المشروع الصهيوني كان لابد أن تتم بشكل جماعي أو قومي، كما أن المستوطنين اضطروا إلى التجمع على هيئة جزر متماسكة في وجه الرفض العربي. لكل هذا، نجد أن المؤتمرات الصهيونية الأولى (التي سيطرت علىها الطبقات الوسطى والحاخامات) وافقت على مبدأ تأميم الأرض باعتباره أهم أُسس الدولة الصهيونية في المستقبل، كما اتخذت هذه المؤتمرات كثيراً من القرارات الثورية الأخرى. وكان وايزمان (الصهيوني العملي البورجوازي) يعطف كثيراً على النشاط الصهيوني العمالي ولم يكن يأبه باعتراضات المموِّلين اليهود اعتقاداً منه أن الصهيونية العمالية ستَخدم، في نهاية الأمر، المشروع الصهيوني.

<<  <  ج: ص:  >  >>