للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما تَجدُر ملاحظة أن دعاة الخطاب الإثني باتجاهيه الإثني الديني والإثني العلماني، نظراً لتركيزهم على مشاكل الهوية، لم يكن لهم فكر سياسي أو اقتصادي مستقل. فقد تركوا هذه الصياغات لبنسكر وهرتزل وبوروخوف وجابوتنسكي وغيرهم من الصهاينة، وركزوا هم على الديباجات الإثنية أكثر من تركيزهم على الأمور السياسية أو الاقتصادية، فهم يتحدثون عن لغة الدولة القومية ونوعية القوانين التي ستسود فيها (من منظور إثني) وعلاقتها بالتراث اليهودي ومدى توافق سلوك مستوطنيها مع القيم الإثنية (الدينية أو العلمانية) اليهودية. وقد اهتموا كذلك بالمشاريع الثقافية التي تُوحِّد وعي يهود العالم، وبعلاقة يهود العالم بالدولة المزمع تشييدها.

ولا يعني هذا أنهم لم يكونوا ملتزمين بالصيغة الأساسية الشاملة (ولا بالإيمان بأزلية معاداة اليهود أو بفكرة الشعب أو الاعتماد على الدول العظمى) . فكل فكرهم ينطلق منه ويفترضه ويستند إليه. وإذا كان آحاد هعام قد تَذبذَب لفترة قصيرة بشأن ضرورة إنشاء الدولة الصهيونية، إلا أن هذا التذبذب لم يَدُم طويلاً، كما أنه لم يعارض قط فكرة نَقْل الفائض اليهودي من شرق أوربا إلى فلسطين. وإذا كان ذبح العرب قد سبَّب له بعض القلق لبعض الوقت، فإنه استمر في دعم المشروع الصهيوني وإسداء النصح لوايزمان في الفترة التي سبقت وعد بلفور. وقد استوطن هو نفسه فلسطين في نهاية الأمر دون أن يبين كيف يمكن تنفيذ المشروع الصهيوني دون التخلص من العرب. أما بالنسبة إلى المتدينين، فإن الأمر لا يختلف كثيراً. وأثناء ثورة ١٩٢٩ في فلسطين، اتهم كوك البريطانيين بالتقاعس عن حماية اليهود، كما اتخذ موقفاً متشدداً أثناء الانتفاضة التي قامت دفاعاً عن البراق (حائط المبكى (

<<  <  ج: ص:  >  >>