للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالنظر إلى عدم تَعارُض مجال الصهيونية الإثنية مع مجالات الصياغات الصهيونية الأخرى، فإننا نجد أن معارك دعاة هذا التيار كانت تدور إما فيما بينهم، أو بينهم وبين قيادة أحباء صهيون ودعاة الصهيونية الدبلوماسية فيما يختص بالقضايا الدينية والثقافية وحدها. وقد وقع أحد التصادمات بين الإثنيين الدينيين وقيادة جماعة أحباء صهيون عام ١٨٨٨ ـ ١٨٨٩، وهي سنة سبتية يُحرَّم فيها على اليهود زراعة الأرض حسب التعاليم الدينية اليهودية. ولا يسري هذا التحريم إلا بعد عودة اليهود إلى أرض الميعاد واستعادتهم إياها، كما أنه لا يسري إن كانت الأرض ملكاً للأغيار. ولكن المستوطنين اليهود استمروا مع هذا في زراعتها رغم ملكيتهم لها. وقد تَطوَّع الحاخام موهيليفر وأفتى بإمكانية بيع الأرض إلى أحد الأغيار، فتعود إلى غير اليهود، ويحل لليهود بالتالي زراعتها (وهو أمر استمر حتى الوقت الحاضر إذ تقوم الدولة الصهيونية ببيع أرض إسرائيل كل ست سنوات إلى أحد المواطنين غير اليهود ثم تشتريها منه مرة أخرى بعد انتهاء السنة السبتية!) . وقد حاول المتدينون عزل بنسكر في مؤتمر جماعة أحباء صهيون الذي عُقد في دروسكينكي (١٨٨٧) ، ففشلوا في ذلك ولكنهم نجحوا في تعيين ثلاثة حاخامات في اللجنة التنفيذية.

وقد حدث أيضاً حوار ساخن بين الإثنيين العلمانيين وصهاينة أحباء صهيون التسلليين عندما كتب آحاد هعام إحدى مقالاته "ليس هذا هو الطريق" ليبين أن المتسللين إلى فلسطين فقدوا هويتهم اليهودية واستوعبتهم عملية البقاء المادي وأهملوا عالم الروح والهوية. ثم تَحوَّل هذا الحوار الساخن إلى نقد صريح لمشروع هرتزل وفكره فيما بعد. وقد بلغ رفض آحاد هعام الصيغة الهرتزلية مداه حينما اقترح في مؤتمر منسك (الذي عقده الصهاينة الروس عام ١٩٠٢) الانشقاق عن المنظمة الصهيونية لتأسيس منظمة صهيونية ثقافية مستقلة تدافع عن الخطاب الإثني بين اليهود أينما كانوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>