وقد كان موقف آحاد هعام من الجماعات اليهودية في العالم ينبع من موقفه العضوي نفسه، فقد رفض الحل الدبنوفي ورفض فكرة البعث اليهودي في أنحاء العالم المختلفة أينما وُجدت جماعات يهودية (مع تغيُّر مركز اليهودية من بابل إلى الأندلس إلى نيويورك) ، فمثل هذا الرأي تعددي تنوعي. وفي الوقت نفسه، لم يأخذ آحاد هعام بالموقف الصهيوني المتطرف المبني على تصفية الجماعات، فقد رأى أن مركزه الروحي، ودولته اليهودية داخل الإطار العضوي، ستعمق الوعي الإثني عند أعضاء الجماعات اليهودية وتزيد الفواصل بينهم وبين جيرانهم الأغيار.
ويثير البرنامج الثقافي عند آحاد هعام مشكلتين أساسيتين:
١ ـ فهو لم يتحدث قط عن آليات إنشاء المركز الروحي (الدولة اليهودية) ، كما لم يطرح برنامجاً سياسياً، بل ترك المسألة غامضة. ولعله ترك هذه الأمور لدعاة الصهيونية العملية والصهيونية الاستيطانية الذين كانوا سيتكفلون بالإجراءات كافة، وضمنها الاستيلاء على الأرض وطرد سكانها. وعلى كلٍّ كان نيتشه (وكذلك داروين) رابضاً وراء كل سطور كتاباته.
٢ ـ وهناك مشكلة الثقافة التي يطرحها: فقد رفض كل ثقافات اليهود الموجودة بالفعل، سواء الثقافة اليديشية في شرق أوربا أو التراث السفاردي الذي كان لا يجهله. ولكن هذا أمر لم يسبب له أرقاً، فقد كان يطرح ما سماه «الثقافة اليهودية» الخالصة بديلاً لكل هذه الثقافات المتعينة.
وقد نزل آحاد هعام إلى ميدان النشاط الصهيوني، فانضم إلى جماعة أحباء صهيون وأصبح مفكرها الأساسي، لكنه ما لبث أن انتقد سياسة هذه الجمعية الداعية إلى الاستيطان التسللي في فلسطين وذلك في مقال بعنوان "ليس هذا هو الطريق". وقد عزَّز مقاله الأول بدراستين نقديتين كتبهما بعد زيارتيه لفلسطين عامي ١٨٩١ و١٨٩٣. ومن أهم مقالاته الأخرى، "الدولة اليهودية والمسألة اليهودية"(١٨٩٧) و"الجسد والروح"(١٩٠٤) .