للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصهيونية التوطينية لم تكن المحاولة الوحيدة لتضييق نطاق الصهيونية، فهناك محاولتان أخريان: كانت الأولى تهدف إلى الإسراع بعملية تخليص أوربا من فائضها اليهودي عن طريق توطينهم في أي أرض، دون أي اعتبار للديباجات الصهيونية. أما الثانية فكانت تهدف إلى تخفيف حدة المواجهة مع السكان الأصليين عن طريق تأسيس دولة ثنائية القومية. ويُلاحَظ أن محاولات تضييق نطاق الصهيونية كان يعني التخلي عن بعض عناصر الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة.

الصهيونية الإقليمية

Territorial Zionism

» الصهيونية الإقليمية» ضرب من ضروب الصيغة الصهيونية الأساسية قبل أن تتحوَّل إلى الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة وقبل أن تدخلها أية ديباجات إثنية أو دينية أو أيديولوجية، فهي تذهب إلى ضرورة تهجير الفائض البشري اليهودي في أوربا إلى أي مكان في العالم حلاًّ للمسألة اليهودية، فهي إذن شكل من أشكال الصهيونية التوطينية. وكان الصهاينة الإقليميون يرون اليهود عنصراً استيطانياً أبيض يُوطَّن في أي مكان، وكانوا يرون المشروع الصهيوني مشروعاً غربياً تماماً وجزءاً لا يتجزأ من التشكيل الاستعماري الاستيطاني الغربي الذي يرمي إلى خلق مناطق نفوذ غربية في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية يَبسُط من خلالها سيطرته الكاملة على العالم، كما يرمي إلى خلق بقع استيطانية تستوعب الفائض البشري اليهودي. وكان العنصر الحاسم في اختيار هذا المكان أو ذاك هو مدى أهميته في سياق المصالح الاستعمارية للدولة الراعية للمشروع التوطيني. ولذا، فإنهم لم يطالبوا بدولة يهودية مستقلة ذات سيادة، وتركوا هذه النقطة لتقررها الدولة الراعية التي ستقوم بعملية نقل الفائض البشري. لكل هذا، كان الصهاينة الإقليميون لا يرون ضرورة تحتم إنشاء هذا الجيب الاستيطاني اليهودي في فلسطين، بل إن بعضهم كان يشير إلى أن فلسطين بالذات غير مناسبة بسبب وجود العرب فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>