وقد كان دعاة المشاريع المختلفة لتوطين اليهود خارج أوربا على وعي تام باستحالة تحقيق أيٍّ من هذه المشاريع إلا إذا حظي برعاية قوة استعمارية كبرى تجد فيه فرصتها لتحقيق مصالحها الاستعمارية بشكل أو آخر، ومن ثم كان هؤلاء الدعاة يحرصون على السعي لدى هذه القوة العظمى أو تلك لضمان أن يتم المشروع التوطيني بموافقتها وتحت رعايتها، ولم يكن يعنيهم في كثير أو قليل أن يحظى المشروع بموافقة أعضاء الجماعات اليهودية (المادة البشرية المُستهدَفة) ممن كان يُرجَى توطينهم.
ودعاة الصهيونية الإقليمية التوطينية، من أمثال دي هيرش وترييتش وزانجويل وأضرابهم، هم في الغالب من اليهود غير اليهود الذين فَقَدوا هويتهم الدينية والإثنية. ولذا، فإنهم لم يعودوا يشعرون بأي ضرورة لمسألة الحفاظ على ما يُسمَّى «الإثنية اليهودية» . كما أن يهود الغرب بينهم كانوا يرغبون في تحويل سيل الهجرة اليهودية من بولندا وروسيا بشكل فوري لأي مكان لأنه يهز مواقعهم الطبقية ومكانتهم الاجتماعية الجديدة ويهدد وجودهم كجزء من النخب المتميِّزة اقتصادياً وسياسياً وحضارياً في مجتمعاتهم الأوربية.