وكانت بريطانيا ترمي من وراء ذلك إلى إيجاد قوة تستطيع مواجهة خطر التدخل الإيطالي المحتمل في ليبيا، بينما وجد الوالي العثماني في الاستيطان اليهودي فرصة لتحسين الأوضاع الاقتصادية السيئة في ليبيا. أما المنظمة الصهيونية الإقليمية، فقد نظرت إلى اقتراح توطين اليهود في برقة بوصفه مشروعاً مربحاً من الوجوه كافة، فهو أولاً مشروع يحظى بتأييد اثنتين من القوى الكبرى، وهما بريطانيا والدولة العثمانية، وهو ما يضمن له الحماية والتمويل اللازمين لنجاحه. كما أن المنطقة المقترحة للاستيطان في برقة تكاد تخلو من السكان الأصليين، وهو ما يجعل غلبة النفوذ اليهودي فيها أمراً يسيراً، وذلك عن طريق جلب أعداد كبيرة من اليهود إلى المنطقة وإجبار السكان الأصليين على الهجرة باتجاه الصحراء، وخصوصاً أن المنطقة تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يُسهِّل عملية جلب اليهود من روسيا ورومانيا. وفضلاً عن هذا، من الممكن على المستوى الدعائي إيجاد ذرائع لجذب اليهود إلى الاستقرار في برقة حيث كانت هذه المنطقة مأوى لعدد كبير من اليهود في عصر الإسكندر المقدوني والبطالمة. ثم إن هذه العناصر مجتمعة تجعل المشروع أمراً ممكناً على عكس مشاريع الاستيطان الأخرى التي كانت مطروحة آنذاك، مثل مشروع قبرص ومشروع أوغندا.
وقد سعت المنظمة الصهيونية الإقليمية، منذ البداية، إلى تقديم نفسها بوصفها الحارس لمصالح الدولة العثمانية في المنطقة وأبدت استعدادها للقيام "بكل ما فيه خير البلاد العثمانية"، فعرضت أن يَحصُل المستوطنون اليهود على الجنسية العثمانية وأن يقوموا بدفع ما يلزم من ضرائب ورسوم بشكل جماعي، وأن تتولى المنظمة إقامة ميناء على الساحل الليبي وإنشاء سكة حديدية وتأسيس ملاحة، على أن تعمل هذه المؤسسات جميعها تحت سيطرة الدولة العثمانية وفي خدمتها.