ومع هذا، يرى بعض الصهاينة أن معاداة اليهود بين الأغيار هي وحدها التي أدَّت إلى بقاء الشعب اليهودي، أي أن عضوية الشعب أو مصدر تماسكه العضوي ليس شيئاً جوانياً (الهوية اليهودية ـ التراث اليهودي) وإنما شيء براني: عداء اليهود. ولكل هذا، فإن الصهاينة يعتبرون أعداء اليهود حلفاء طبيعيين لهم وقوة إيجابية في نضالهم «القومي» لتهجير اليهود من أوطانهم. ولذا، كان تيودور هرتزل على استعداد للتعاون مع فون بليفيه وزير الداخلية الروسي، كما تحالف فلاديمير جابوتنسكي مع الزعيم الأوكراني بتليورا الذي ذبحت قواته آلاف اليهود بين عامي ١٩١٨ و١٩٢١، وتعاون الصهاينة مع النازيين داخل ألمانيا وخارجها. ويتحالف الصهاينة في الوقت الحالي مع الجماعات الأصولية المسيحية في الولايات المتحدة والمعروفة بعدائها العميق لليهود. بل إن المؤسسة الصهيونية تستخدم أحياناً وسائل المعادين لليهود لحَمْل اليهود على الهجرة، كما حدث في العراق عام ١٩٥١ حين ألقى العملاء الصهاينة بالقنابل على المعبد اليهودي في بغداد. وعلى كلٍّ، فقد صرح كلاتزكين بقوله:"إنه بدلاً من إقامة جمعيات لمناهضة المعادين لليهود الذين يريدون الانتقاص من حقوقنا، يجدر بنا أن نقيم جمعيات لمناهضة أصدقائنا الراغبين في الدفاع عن حقوقنا".
وقد استمرت ظاهرة معاداة الصهيونية لليهود بعد تأسيس الدولة الصهيونية، بل يُلاحَظ أنها ازدادت حدةً وتبلوراً بين أعضاء جيل الصابرا (أي أبناء المستوطنين الصهاينة المولودين في فلسطين) . فهؤلاء ينظرون إلى «يهود المنفى»(أي يهود العالم) من خلال مقولات معاداة اليهودية وصورها النمطية. ويزخر الأدب الإسرائيلي بأعمال أدبية تَصدُر عن رفض ثقافي وأخلاقي بل وعرْقي عميق ليهود الخارج.