للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«نواطير المدينة» أو «حُرَّاس المدينة» ترجمة للعبارة الآرامية «ناطوري كارتا» ، وهي منظمة يهودية دولية معادية للصهيونية، وقد جاء في التلمود أن حاخامين من حاخامات اليهود ذهبا إلى فلسطين للتأكد من أن كل مدينة من مدنها تضم مدرسة وبيت عبادة حيث يتعلم الأطفال الشريعة، وسألا أهل إحدى المدن عن حراس المدينة (ناطوري كارتا) فأتى سكان المدينة بالشرطة، فقال الحاخامان: "هذان ليسا حرس المدينة، هذان مخربا المدينة (بالآرامية: ماخريفي كارتا) ، فحراس ونواطير المدينة الحقيقيون هم الذين يُصلُّون في بيوت العبادة ويدرسون التوراة ويعلمونها للأطفال". ونواطير المدينة جماعة دينية يهودية أرثوذكسية من أكثر الجماعات عداءً للدولة الصهيونية، وقد ارتبطت كلمة «أرثوذكسية» في الخطاب الصحفي والإعلامي الشائع بتأييد التوسع والاستيطان والعنصرية الصهيونية، وهذا يدل على مدى سطوة الإعلام الصهيوني الذي يحدِّد معنى الكلمات ويفرض الدلالات. فاليهودية الحاخامية الأرثوذكسية ظلت ترفض الصهيونية حتى عهد قريب، وهو رفض ينطلق من عدة أفكار (أو عقائد) جوهرية في العقيدة اليهودية. وما حدث هو أن العقيدة اليهودية تمت صهينتها من الداخل، بينما ظل أعضاء جماعة نواطير المدينة متمسكين بمبادئهم الدينية، والعقيدة الدينية (على عكس العقيدة العلمانية) لا تتغيَّر ولا تخضع لموافقة أو رفض الأغلبية، ولذا إن انضمت الأغلبية الساحقة من الأرثوذكس للصهيونية ذات الديباجة الأرثوذكسية وذات المضمون العلماني، فهذا لا يغيِّر من الأمور شيئاً.

ولكن الإعلام الغربي الصهيوني (العلماني) يصر على أن يستخدم كلمة «أرثوذكسي» بمعنى «متشدد» أو «متعصب» للإشارة إلى هؤلاء اليهود الأرثوذكس الذين تخلوا عن أرثوذكسيتهم وانسحبوا من المعارضة الدينية وانضموا للمعسكر الصهيوني العلماني.

<<  <  ج: ص:  >  >>