للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى أعضاء نواطير المدينة أن الصهيونية لا تمثل استمراراً للتراث الديني اليهودي أو تنفيذاً للتعاليم اليهودية وإنما رفضاً لها وانسلاخاً عن التراث الديني، بل إن الصهيونية من منظور الناطوري كارتا هي أخطر المؤامرات شيطانية ضد اليهودية. ولعل الفكرة الأساسية التي يرتكز إليها الرفض الأرثوذكسي للصهيونية هي فكرة الشعب اليهودي بالمفهوم الديني، فالشعب اليهودي بالنسبة لأعضاء هذه الجمعية ليس شعباً بالمعنى المُتعارَف عليه، وإنما هو أساساً جماعة دينية ظهرت إلى الوجود منذ ثلاثة آلاف عام. ويستمد هذا الشعب وجوده من ميثاقه مع الخالق وهو ميثاق دائم لا يمكن فهمه. وحسب هذا الميثاق، يلتزم كل اليهود بالتوراة وتعاليمها التي يقوم الحاخامات بتفسيرها كلٌّ في جيله. ورغم أن عقائد اليهود تشير إلى أنهم "شعب الله المختار"، إلا أن الهدف من هذا الاختيار ـ حسب أحد التفسيرات الدينية ـ ليس تمكين اليهود من السيطرة على العالم وإنما العكس، فقد اصطفى الإله اليهود ليقوموا على خدمته في الدنيا، وهم بهذه الطريقة يقومون على خدمة الجنس البشري بأسره. وقد تم اختيار اليهود لا لأنهم شعب متعجرف أو جماعة منتصرة، وإنما لأنهم أكثر الناس تواضعاً وسلاماً. بل إن الاختيار يفرض على اليهود واجبات أكثر مما يمنحهم من حقوق. فترى الشريعة اليهودية أن هناك سبعة قوانين أساسية ملزمة لكل البشر كي يصبحوا بشراً (شريعة نوح) ، وهناك عشرة قوانين (الوصايا العشر) ملزمة لأتباع الديانات التوحيدية (الإسلام والمسيحية) ، ولكن اليهودي وحده عليه الالتزام بالأوامر والنواهي (متسفوت) ، وهذه القوانين ملزمة لكل منْ وُلد لأم يهودية أو اعتنق اليهودية.

<<  <  ج: ص:  >  >>