للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انطلاقاً من هذا الإيمان بإنسانية مشتركة وخصوصية دينية مستقلة يؤكد أعضاء جمعية نواطير المدينة أن اليهودية تبغض سفك الدماء بل تنادي بتحاشي ذلك بأي ثمن. بل يؤكدون أن العقيدة اليهودية تحض اليهودي على عدم المشاركة في السلطة الدنيوية وعلى رَفْض حمل السلاح. فعلى اليهود أن يتركوا مثل هذه الأمور للدولة التي يعيشون في كنفها. وهم يشيرون إلى واقعة يوحنان بن زكاي، الحاخام اليهودي مؤسس حلقة يفنه التلمودية الذي آثر أن يستسلم للرومان أثناء حصارهم للقدس على أن يقاومهم. وكان بذلك يهدف إلى إنقاذ اليهودية، ولم يكترث من قريب أو بعيد بالدولة اليهودية. وحسب رأي أعضاء جماعة الناطوري كارتا، يعود الاستمرار اليهودي إلى الإصرار على أن اليهودية عقيدة دينية وليست حركة قومية. وتشير أدبيات الجماعة إلى الصراع الذي نشب بين الأنبياء والدولة العبرية، وخصوصاً أثناء حصار البابليين للقدس، إذ كان النبي إرميا يحرض على الاستسلام والتخلي عن السلطة السياسية حتى يمكن إنقاذ الهيكل من الخراب، فألقته السلطة السياسية في السجن. وبعد السبي إلى بابل طلب إرميا من اليهود أن يعبِّروا عن ولائهم للدولة التي يعيشون في كنفها.

على العكس من هذا يرى الصهاينة أن اليهود إن هم إلا شعب مثل كل الشعوب يجب أن يحملوا السلاح ويلجأوا للعنف حتى يستعيدوا احترامهم لأنفسهم واعتزازهم بها، وأن يكون عندهم جيوش وبحرية وطيران وعلم خاص بهم، كما يؤمن الصهاينة بأن اليهود يجب ألا يخضعوا إلا للقانون العلماني، أما القانون الديني فيجب أن يطويه النسيان. بل إن الصهاينة ينكرون الطبيعة المقدَّسة للتوراة وينظرون إليها (وإلى الكتب الدينية اليهودية الأخرى) باعتبارها نوعاً من أنواع الفولكلور الذي يجب الحفاظ عليه باعتباره فلكلوراً وحسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>