للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتحول فكرة الاختيار الديني عند الصهانية إلى أفكار عنصرية سياسية، فيصير العنصر اليهودي عنصراً متفوقاً، ويمنح هذا التفوق اليهود حقوقاً معينة تَجبُّ حقوق الآخرين، ولذا يصبح من حقهم الاستيلاء على فلسطين وطرد العرب. وبدلاً من أن يخضع اليهودي لقوانين ديانته، فإن عليه أن يخضع للقوانين العلمانية السائدة بغض النظر عن اتفاقها مع القوانين الأخلاقية أو عدم اتفاقها.

وإذا كان نواطير المدينة يرون أن اليهودي يكتسب هويته من خلال أداء الشعائر الدينية، فإن الصهاينة يرون أن الإنسان من الممكن أن يبقى يهودياً بشكل عام حتى لو لم يمارس أياً من هذه الشعائر مثل الامتناع عن العمل يوم السبت أو الالتزام بقوانين الطعام (مثل عدم أكل لحم الخنزير) أو اتباع التشريعات الخاصة بالزواج، بل حتى إن أنكر وجود الإله. واليهودي الخيِّر لم يَعُد هو اليهودي التَقي الذي يتبع تعاليم دينه وينفذها وإنما هو اليهودي الذي يدفع بسخاء للدولة الصهيونية. وليس هناك ما يبعث على الدهشة من هذا الوضع فمؤسسو الحركة الصهيونية رفضوا الدين اليهودي ولم يلتزموا قط بتعاليمه أو قيمه الأخلاقية. وإذا كان المتدينون ينظرون إلى اللغة العبرية باعتبارها لغة دينية يَحرُم استخدامها في الشئون الدنيوية، فإن الصهاينة جعلوها لغة الحديث اليومية في المُستوطَن الصهيوني ثم جعلوها اللغة الرسمية للدولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>