وتدَّعي الصهيونية أنها تحمي أمن اليهود بعد أن تعرَّضوا للإرهاب في الشتات آلاف السنين، وأنها بعثت الروح العسكرية في اليهود مرة أخرى لهذا السبب. وتبين أدبيات الناطوري كارتا أن عدد اليهود الذين قُتلوا في الأعوام القليلة الماضية ـ في حروب إسرائيل ـ يفوق كثيراً عدد اليهود الذين قُتلوا في أي مكان آخر. إن أمن اليهود يكمن في إمكانية تَصالُحهم مع الدول التي يعيشون بين ظهرانيها (كما قال النبي إرميا منذ أكثر من ٢٥٠٠ سنة) ، ولهذا فإن تصوُّر أن الدولة الصهيونية ذات الجيوش الصهيونية يمكنها أن تحمي اليهود هو تصوُّر خاطئ من أساسه. بل إن الجيتو الصهيوني الكبير يحتاج إلى دعم يهود المنفى لحماية أمنه أكثر من احتياج يهود المنفى إليه.
وتذهب أدبيات نواطير المدينة إلى أكثر من هذا، إذ يوجهون الاتهام للحركة الصهيونية بأنها حركة معادية لليهود، فالدولة الصهيونية تدَّعي أنها دولة كل اليهود، وأن اليهودي يتوجه بولائه للدولة اليهودية وحدها وليس للدولة التي يعيش فيها، وبالتالي فهي تخلق لليهود مشكلة ازدواج الولاء وتدعم الاتهامات المعادية لليهود. ولأن الصهيونية تزدهر بازدهار معاداة اليهود، فهي تُروِّج لها. بل إن الصهيونية تحاول أن تُقوِّض وضع اليهود أينما وُجدوا حتى تضطرهم للهجرة إلى إسرائيل. ومن الحقائق غير المعروفة التي يحاول نواطير المدينة تعريف الناس بها أن الصهاينة تعاونوا مع النازيين حتى يقضوا على يهود شرق أوربا باعتبار أن جماهير شرق أوربا اليهودية كانت القاعدة العريضة التي يستند إليها الرفض الديني للصهيونية، ووجود مثل هذا الرفض على مستوى جماهيري واسع كان سيسحب من الصهيونية أية شرعية.