هذا الموقف الأخير، وأصبح الاعتدال هو قبول الأمر الواقع وتجميد المستوطنات مع الاستمرار في تسمينها (أي توسيعها) .
وينطبق الموقف نفسه على العرب بطبيعة الحال، فالمعتدل، من وجهة النظر الصهيونية، هو الذي يقبل الموقف الصهيوني المعتدل ويتغيَّر بتغيُّره. فالعربي الذي كان يقبل استيطان الصهاينة دون إنشاء دولة كان يُعدُّ (منذ عام ١٩١٧ وحتى الأربعينيات) معتدلاً، ولكنه أصبح متطرفاً بعد ذلك التاريخ. ومن كان يقبل إنشاء الدولة اليهودية وقرار التقسيم عام ١٩٤٨ كان يُعدُّ عربياً معتدلاً، ولكن بعد إنشاء الدولة، أصبح مثل هذا الشخص متطرفاً. وظل الأمر كذلك حتى عام ١٩٦٧ حين أصبح الاعتدال العربي هو الرضوخ لحدود إسرائيل بعد عام ١٩٦٧ وأصبح تطبيق قرار ٢٤٢ أو حتى إنقاص المستوطنات في الضفة الغربية هو عين التطرف العربي. ومما يجدر ملاحظته أن الحفاظ على أمن إسرائيل هو دائماً الحجة التي تُساق لتحديد مفهومي الاعتدال والتطرف، وأن مواصفات هذا الأمن تحدده الدولة الصهيونية دائماً. ويُلاحَظ، في جميع الأحوال، غياب مفهوم العدل والتآكل التدريجي لمفهوم المقاومة إلى أن أصبح أي شكل من أشكال «المقاومة» شكلاً من أشكال التطرف والإرهاب. وقد تَسلَّل المصطلحان بمرجعيتهما الصهيونية إلى الخطاب السياسي العربي وأصبح يُشار إلى «العمليات الفدائية» بأنها «عمليات انتحارية» .