وتصاعُد عمليات الترشيد على مستوى العالم هو العولمة بحيث يصبح العالم كله مادة استعمالية ويصبح كل البشر كائنات وظيفية أحادية البعد يمكن التنبؤ بسلوكها. وتتصاعد معدلات الترشيد إلى أن تصل سائر المجتمعات البشرية إلى نقطة تتلاقى عندها ويسود التجانس الكامل بينها، وهذا ما يُسمَّى أيضاً «نظرية التلاقي» (بالإنجليزية: كونفيرجانس ثيري convergence theory) . والتلاقي هو تَوحُّد النماذج كلها بحيث تتبع نمطاً واحداً وقانوناً عاماً واحداً هو قانون التطور والتقدم بحيث يصبح العالم مُكوَّناً من وحدات متجانسة؛ ما يحدث في الواحدة يحدث في الأخرى. وقد أشار أحد المعلقين إلى أن ما يحدث الآن في العالم هو سقوط الماركسية وبدلاً من الماركسية، ماركسيزم Marxism، ظهرت عبادة السوق ماركتزم Marketism. وعبادة السوق هذه وهيمنتها على العالم بأسره، بشماله وجنوبه وشرقه وغربه، هي في واقع الأمر نقطة التلاقي التي تحدَّث عنها علم الاجتماع الغربي.
وقد تنبأ ماكس فيبر بأن عمليات الترشيد ستؤدي إلى تحويل المجتمع إلى حالة المصنع وإلى إدخاله القفص الحديدي. ونحن نتفق معه تماماً في صورة القفص الحديدي، ولكننا نذهب إلى أن العالم سيحكمه إيقاع ثُلاثيّ: المصنع (حيث ينتج الإنسان) ـ والسوق (حيث يشتري ويبيع) ـ وأماكن الترفيه (حيث يفرغ ما فيه من طاقة وتوترات وعُقد وأبعاد) ، أي أنه إيقاع يستوعب كلاً من الإنسان الاقتصادي والإنسان الجسماني ويشبع جميع رغباتهم البسيطة الطبيعية أحادية البُعْد، التي لا علاقة لها بأي تركيب إنساني.