ولكن، مع تطوُّر الأوضاع في العالم العربي، ومع تزايد استعداد النخب الحاكمة للانخراط في سلك النظام العالمي الجديد والخضوع للهيمنة الغربية الأمريكية، ليس من المستبعد تحقيق السلام بعض الوقت مع الدولة الوظيفية الصهيونية، إذ أن النظم العربية من خلال نخبها الحاكمة، ستصبح هي نفسها دولاً أو أنظمة وظيفية، تقوم بدور الوسيط الوظيفي بين النظام العالمي الجديد وشعوبها المستضعفة. كما أنه مع تصاعد خوف هذه النظم من الصحوة الشعبية الإسلامية، ومع تحوُّل دور إسرائيل من دولة وظيفية تضرب القومية العربية إلى دولة وظيفية تضرب الصحوة الإسلامية، ستزداد الرقعة المشتركة بين هذه النظم الوظيفية والدولة الوظيفية، ومن ثم سيمكن تحقيق السلام المبني على تَماثُل الوظيفة.
ويُلاحَظ أن الدولة الصهيونية الوظيفية نفسها قد تضم جماعات وظيفية، ومن أهم هذه الجماعات الآن عرب الأراضي المحتلة الذين بدأوا يستولون على قطاعات بأسرها كقطاع المباني كما يعملون في المطاعم إما كجرسونات أو عمال نظافة. كما أنهم بدأوا يتغلغلون في القطاع الزراعي ذاته. ويبدو أن كثيراً من اليهود الشرقيين يقومون بدور الجماعة الوظيفية (الوسيطة) بين العرب والدولة الصهيونية، فكثير من مقاولي العمال يأتون من صفوفهم، ويمكن القول أن الدولة الصهيونية الوظيفية تحاول أن تجعل من السلطة الفلسطينية دولة وظيفية تعمل لصالح إسرائيل.
الدولة الصهيونية الوظيفية: التعاقدية والنفع والحياد
The Functional Zionist State: Contractualization, Utilitiy, and Neutrality
تتسم الدولة الصهيونية الوظيفية بكل سمات الجماعة الوظيفية، وأول هذه الصفات هي التعاقدية والنفع والحياد.