ويقرر شنيتسر أن السياسات الاجتماعية للمجتمع الصهيوني وعلاقاته الدولية، وكذلك إنفاقه الأمني، كلها أمور أصبحت تقريباً تقع خارج نطاق القرار الإسرائيلي المستقل. فوزير الخارجية الأمريكي يعمل منطلقاً من صالح بلاده لا من واقع الأهداف الصهيونية، وحينما تدفع بلاده الهبات فإنه يريدها أن تُنفَق لأغراض الطيران أي لأغراض القتال، فهو غير معنِّي بالأهداف الصهيونية التي من بينها أن إسرائيل دولة مهاجرين يجب أن تقوم بزيادة خدمات الرفاه لمواطنيها، وهو لا يدرك أن سياسات إسرائيل الاقتصادية لها خصوصيتها الصهيونية الاستيطانية. فالبطالة التي تؤخذ كظاهرة طبيعية في أمريكا ستشجع ظاهرة النزوح من إسرائيل، الأمر الذي يهدد أمنها. ولكن هذه كلها أمور صهيونية لا تعني وزير الخارجية الأمريكية كثيراً. إن الأمر قد وصل في إسرائيل إلى حد أن العقد الاجتماعي هناك قد أصبح مؤسَّساً على حقيقة الهبات الأمريكية الضخمة، فالإسرائيليون لم يَعُد بوسعهم العمل بموجب حاجاتهم وتطلعاتهم الصهيونية. وحينما يتفاوض العمال مع أرباب الصناعات، فإن كل ما يمكن إحرازه من خلال إجراء مفاوضات مع ممثلي العاملين ومع أرباب العمل هو إيجاد أساس من الاتفاق القومي لتنفيذ السياسة التي يمليها وزير الخارجية الأمريكي. ولكن ما نسيه شنيتسر أن وزير الخارجية الأمريكي هو المعادل الأمريكي الحديث لبلفور، وأن العقد الاجتماعي الإسرائيلي الجديد هو امتداد لعقد بلفور القديم وترجمة متعينة له في ظروف الثمانينيات.