للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصبح افتقاد إسرائيل لحرية القرار يظهر، وبشكل أكثر وضوحاً، في علاقات إسرائيل الدولية التي لا يمكن تفسيرها أو فهمها إلا من منظور التبعية الإسرائيلية للولايات المتحدة. فقد كانت علاقة الدولة الصهيونية مع جنوب أفريقيا تُسقط شرعيتها أمام الدول الأفريقية التي تشكل مجالاً للانتشار الإسرائيلي في مواجهة الرفض العربي. كما أن علاقاتها مع الدول الفاشية المختلفة التي تضطهد الجماعات اليهودية وغيرها من الأقليات والطبقات (مثل النظام العسكري السابق في الأرجنتين) تُسقط شرعيتها كدولة يهودية تشكل ملجأ ليهود العالم. وكذلك فإن قيامها بتزويد السلفادور بالسلاح يُسقط شرعيتها كدولة ديموقراطية صغيرة تدافع عن مُثُل المساواة والعدالة. وتتدعم الصورة السلبية التي تقوض كل أساطير الشرعية الإسرائيلية الصهيونية حينما تقف إسرائيل إلى جانب كل إجراء سياسي أمريكي في العالم مهما كان متطرفاً ويستحق الانتقاد. لا يمكن تفسير كل ذلك أو فهمه من منظور مصلحة إسرائيل أو رغبتها في البقاء، وإنما يمكن تفسيره وفهمه في إطار دورها الإستراتيجي كدولة وظيفية تخدم مصالح الولايات المتحدة.

كما أن ميزانيات إسرائيل العسكرية لا يمكن تفسيرها هي الأخرى إلا في الإطار نفسه. وقد قام سبير بتحليل ما سماه «استهلاك إسرائيل الأمني» مقابل الاستهلاك الفردي، فأشار إلى أن احتياطي رأس مال إسرائيل العسكري (أي إجمالي شبكات الأسلحة والذخيرة والعتاد والأرضية وما شابه) ازداد من ٢١.٥ مليار دولار إلى ٥٤.٥ مليار دولار. هذه الزيادة لا يمكن تفسيرها في إطار احتياجات إسرائيل الأمنية وحدها وإنما يمكن شرحها بالعودة إلى حلقة أوسع؛ فالإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية ـ كما يقول الكاتب الإسرائيلي ـ لا تحددها متطلبات إسرائيل الأمنية الذاتية الحقيقية وإنما تحددها الاحتياجات الأمنية والعسكرية الدولية للمموِّل الموجود في واشنطن ومانهاتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>