٢ ـ ينكر المستوطنون البيض تاريخ السكان الأصليين في الأرض التي سيهاجرون إليها ويستوطنون فيها. فهي عادةً أرض عذراء بلا تاريخ، غير مأهولة بالبشر (أرض بلا شعب) ، على عكس الأرض التي يأتي منها المستوطنون، فهي مكتظة بالسكان.
ومرة أخرى نجد أن أسطورة الاستيطان الصهيونية تعبِّر عن هذا بشكل متبلور، إذ يزعم الصهاينة أن فلسطين هي إسرائيل أو صهيون، وأن تاريخها قد توقَّف تماماً برحيل اليهود عنها. بل إن تاريخ اليهود أنفسهم قد توقَّف هو الآخر برحيلهم عنها، ولن يُستأنف هذا التاريخ إلا بعودتهم إليها، ولكنه تاريخ جديد خال من الاضطهاد والصراع، فهو أقرب إلى التاريخ المقدَّس.
٣ ـ لا تؤكد أسطورة الاستيطان الغربية نهاية التاريخ وحسب وإنما نهاية الجغرافيا كذلك، فالأرض التي يستوطن فيها الإنسان الأبيض هي أرض وحسب، ليس لها حدود واضحة، ولذا فهي تتسع حسب قوة الإنسان الأبيض الذاتية، كلما زاد عدد المستوطنين وازدادوا قوة اتسعت الحدود. ومن هنا فكرة الرائد والجبهة المتسعة دائماً. والرائد هو الذي يرتاد أرضاً جديدة دائماً، لا يعرف حدوداً ولا قيوداً ولا سدود. وارتباط نهاية التاريخ بنهاية الجغرافيا أمر متوقَّع، ففكرة الحدود فكرة إنسانية حضارية غير طبيعية، أما عالم الطبيعة فلا يعرف الإنسان، ومن ثم فهو لا يعرف الحدود.
وأسطورة الاستيطان الصهيونية هي أسطورة التوسع بالدرجة الأولى، فإرتس يسرائيل ليس لها حدود واضحة، فالعهد القديم يحتوي أكثر من خريطة. والمستوطنون الصهاينة أطلقوا على أنفسهم مصطلح «حالوتسيم» ، أي» رواد. «