٤ ـ إذا حدث أن كانت الأرض العذراء مأهولة بالسكان فإن أسطورة الاستيطان الغربية تحاول تهميشهم، فهم قليلو العدد متخلفون يفتقرون إلى الفنون والعلوم والمهارات المختلفة، يهملون الثروات الطبيعية الكامنة في الأرض. وهم عادةً مجرد رحالة لا يستقرون في أرض ما، وهم شعب لا تاريخ له، فأعضاؤه جزء لا يتجزأ من الطبيعة (كالثعالب والذئاب) ومن ثم لا حقوق لهم. لكل هذا فإن وجود مثل هؤلاء الناس هو وجود عرضي ومن الضروري وضع حل جذري ونهائي للمشكلة الديموجرافية، أي مشكلة وجود السكان الأصليين في الأرض العذراء، وضرورة اجتثاث شأفتهم تماماً.
وأسطورة الاستيطان الصهيونية تنظر للوجود الفلسطيني في فلسطين باعتباره أمراً عرضياً هامشياً، والاعتذاريات الصهيونية مليئة بالحديث عن فلسطين باعتبارها أرض مهجورة مهملة، وكثيراً ما يتحدث الصهاينة عن الفلسطينيين كما لو كانوا جزءاً من الطبيعة بلا تاريخ. وكل هذا ينتهي بطبيعة الحال بتأكيد حق اليهود المطلق في فلسطين (ومن هنا قانون العودة) وينكرون هذا الحق على الفلسطينيين (ومن هنا مخيمات اللاجئين) . وتحاول الحركة الصهيونية وضع حل نهائي للمشكلة الديموجرافية فقامت أحياناً بالإبادة (دير ياسين ـ كفر قاسم) ولكن الطرد كان الشكل الأساسي. وبعد اتفاقيات أوسلو أخذ الحل النهائي شكل عزل السكان الأصليين داخل مجموعة من القرى والمدن ومحاصرتهم بالقوات العسكرية الإسرائيلية والطرق الالتفافية.