للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُشار إلى التهجير أحياناً بأنه «ترانسفير» أي «نَقْل» . ويمكن القول بأن الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة هي في جوهرها عملية نقل (ترانسفير) لمجموعة من المصطلحات والمفاهيم الدينية من مستواها الديني والمجازي إلى المستوى الزمني المادي الحرفي (وهذه سمة أساسية في الخطاب الحلولي التجسيدي حيث تتحول الكلمة إلى مادة ويتحول الدال إلى مدلول ويتداخل المطلق والنسبي) . فالشعب المختار، حسب المفهوم الديني اليهودي، جماعة دينية تلتزم بمجموعة من العقائد، فينقل هذا المفهوم من السياق الديني ليصبح شعباً بالمعنى العرْقي أو يصبح مادة بشرية فائضة. أما صهيون، وهي المكان الذي سيعود إليه الماشيَّح في آخر الأيام، فتصبح بقعة جغرافية في الشرق الأوسط ذات قيمة إستراتيجية واقتصادية يُصدَّر لها الفائض البشري ويُوطَّن ويُوظَّف فيها. والواقع أن عملية نَقْل المصطلحات هذه من مستواها الديني والمجازي إلى المستوى الزمني والحرفي ينجم عنها ظهور صيغة تنطوي على عمليتي نَقْل سكاني:

١ ـ نَقْل اليهود من المنفى إلى فلسطين.

٢ ـ نَقْل الفلسطينيين من فلسطين إلى المنفى.

وقد بدأت عملية النقل السكاني الثانية، بشكل متقطع وغير منظم، في أواخر القرن التاسع عشر على يد الصهاينة التسلليين، ثم استمرت بطريقة منهجية بعد وعد بلفور تحت رعاية حكومة الانتداب في النصف الأول من القرن العشرين، ثم وصلت إلى ذروتها عام ١٩٤٨. واستمرت العملية بشكل منظم من قبل الدولة الصهيونية لتصل إلى ذروة أخرى عام ١٩٦٧ وهكذا. ولا يزال التهجير القسري للعرب مستمراً حتى الوقت الحاضر إما عن طريق "تشجيع" العرب على تَرْك فلسطين أو إرهابهم أو طردهم بموجب قرار من الحكومة الإسرائيلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>