١ ـ نحن ندرك تماماً أن الظواهر التاريخية، بكل تنوعها وتركيبيتها، لا يمكن اختزالها ببساطة إلى مرحلتين. وأن التقسيمات الثنائية بسيطة ومغرية. ورغم أننا قسمنا تاريخ الحضارة الغربية (العلمانية) الحديثة إلى قسمين اثنين: (مرحلة التحديث الصلبة التقشفية ومرحلة ما بعد الحداثة السائلة الفردوسية) فإننا ندرك تماماً أن تقسيماتنا هي إستراتيجية تفسيرية وحسب، وليس لها أي وجود مادي، فهي ليست "إنعكاساً مباشراً" للواقع الموضوعي المادي، وإنما تعبير عن نموذج تفسيري وتحليلي نرى نحن أن له قيمة تفسيرية وتصنيفية، نُخضعه للاختبار، أي أننا نقاوم تَشيُّؤ نموذجنا التفسيري، وندرك أنه لابد أن ينطوي على قدر من تبسيط للواقع.
٢ ـ مرحلة التحديث التقشفية يمكن أن تُقسَّم بدورها إلى عدة مراحل:
أ) مرحلة التراكم (الرأسمالي الإمبريالي) الأولى: من عصر الاكتشافات حتى اندلاع الثورة الصناعية والفرنسية ونجاحها مع منتصف القرن التاسع عشر. وقد وصلت هذه المرحلة إلى ذروتها في نهاية القرن، وهي مرحلة التحديث وعصر المادية البطولي، والفلسفة العقلانية المادية والمادية القديمة.
ب) مرحلة التراكم (الرأسمالي الإمبريالي) الثانية: من نهاية القرن التاسع عشر حتى منتصف الستينيات، وهي مرحلة الحداثة العبثية وبداية ظهور اللاعقلانية المادية والمادية الجديدة.
٣ ـ مرحلة ما بعد الحداثة الاستهلاكية الفردوسية (البرجماتية) واللاعقلانية المادية والمادية الجديدة، هي مرحلة لا تزال في بدايتها ولم تتحدد ملامحها بعد، وقد درسناها لا في ذاتها وإنما وضعناها مقابل المرحلة الأولى.