يُعَد شيمون بيريز صاحب الدعوة الأشهر لتطبيع الاقتصاد الإسرائيلي إقليمياً، وإنهاء حالة العزلة الإقليمية للاقتصاد الإسرائيلي. فالمشروع الإسرائيلي، في ظل عملية التسوية، يقتضي توفير مناخات اقتصادية تطبيعية تهمش بل تلغي الشأن القومي التاريخي، وتحل محله شأناً جيو/اقتصادياً جديداً، وهذا ما دعاه «الشرق الأوسط الجديد» باعتباره وحدة متكاملة اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، ليصبح جاذباً أساسياً للاستثمار الأجنبي وجسراً وحيداً للاقتصاد الإقليمي والدولي معاً.
وتحدث البعض في إسرائيل عن «الصهيونية الاقتصادية» و «الصهيونية التقنية» اللتين تشكلان تحولاً وانتقالاً إلى مرحلة الهجوم الاقتصادي الموسعة مع تَقدُّم عملية التسوية وهو ما يقود إلى رفع معدل النمو الاقتصادي بما يجلبه من زيادة الاستثمار في مجال البنية التحتية والمشروعات المشتركة مع الدول العربية، وفتح أسواق جديدة في المنطقة وخارجها بعد وقف المقاطعة الاقتصادية العربية، واعتماد الشركات متعددة الجنسيات إسرائيل مركزاً إقليمياً.
وقد بدا واضحاً أن المطلوب هو دمج إسرائيل في المنطقة، إلا أن الإشكالية لا تتعلق بالاندماج في حد ذاته، وإنما بشروط هذا الاندماج. فالاندماج الأمثل باقتصاديات المنطقة، من وجهة النظر الإسرائيلية، يجب أن يتم من خلال سيطرة إسرائيل على عمليات الوساطة المالية بالمنطقة وتنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات محددة تتم بإشراف الأجهزة الحكومية حتى لو قام بتنفيذها القطاع الخاص، وهي مشروعات يمكن أن تتم بين أنظمة اقتصادية تختلف بعضها عن بعض كلياً. أما النوع الثاني من الاندماج الذي يتم عَبْر إقامة منطقة تجارة حرة فهو مرفوض لأنه يتطلب إحداث تغييرات بنيوية في اقتصاد كل الدول المشتركة لإزالة التباين بينها وهو ما يتطلب تقليص دور الدولة، وترك المبادرة للقطاع الخاص.