إن خصائص الاقتصاد الإسرائيلي وحمائيته تحول دون إمكانية اندماجه في إطار النوع الثاني، فالدولة الاستيطانية الصهيونية، لن تقبل رفع يدها عن التدخل في المجال الاقتصادي، نظراً إلى ما سيحدثه ذلك من آثار في مستويات المعيشة، ونظراً لما يتطلبه استمرار هجرة اليهود من استثمارات ودعم حكومي حيث يبرز التناقض بين الاعتبارات الاقتصادية والاعتبارات الاستيطانية.
ومن الأسباب الأخرى التي تعوق اندماج إسرائيل في المنطقة هو تجارة إسرائيل الخارجية التي تحتل موقعاً مهماً في الاقتصاد الإسرائيلي. فالحجم الأكبر من هذه التجارة يتجه إلى الدول الرأسمالية، وخصوصاً الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي، ويظل الهدف الإسرائيلي الرئيسي توطيد علاقاتها الاقتصادية بتلك الدول، واعتبار دول المنطقة بمنزلة "حديقة خلفية" لإسرائيل. كما أن هيكل الصادرات الإسرائيلية لا يساعد على الاندماج التجاري بالمنطقة، إذ أن القوة الشرائية في أغلب دول المنطقة لا تسمح بأن تكون المنطقة سوقاً للماس، كما أنه من غير المنتظر أن تقوم إسرائيل بتصدير السلاح، أو التكنولوجيا (العسكرية بالأساس) إلى الدول العربية. بالإضافة إلى كل هذا يمكن أن نشير إلى تَشوُّه هيكل الأسعار في إسرائيل، فهي لا تتحدد وفقاً لاعتبارات العرض والطلب وإنما تتم، في إطار نموذج الصهيونية العمالية الذي لا يزال سائداً، وفقاً لعمليات معقدة من التفاوض السياسي. فسعر البيض مثلاً يتحدد عن طريق مفاوضات بين وزارتي المالية والزراعة من جهة، ومن جهة أخرى منظمات مربي الدواجن (التي يدعمها الصندوق القومي اليهودي والوكالة اليهودية) ... إلخ. فالاقتصاد الإسرائيلي مُسيَّس بشكل كبير وهو ما يضفي عليه طابعاً حمائياً عالياً ويحد من إمكانيات اندماجه تجارياً مع المنطقة. ومن هنا فإن مصلحة الاقتصاد الإسرائيلي لا تتمثل في تحرير التجارة في المنطقة، وإنما في القيام بدور الوسيط الذي يقوم بتسويق المنطقة