ويفسِّر ذلك نجاح إسرائيل في تنفيذ استثمارات ضخمة على الرغم من وجود إدخار محلي سالب في أغلب الفترات، فقد كانت التدفقات الخارجية للمساعدات هي الوسيلة الأساسية لسد الفجوة بين الاستثمار والإدخار، وهي التي مكَّنت إسرائيل من تحقيق مستوى معيشي مرتفع على الرغم من المعدلات المرتفعة لتزايد السكان - بفعل الهجرة - والزيادة المطردة في الإنفاق العسكري.
ومن ناحية أخرى - وبنفس المنطق - فقد كانت الهجرة الكبيرة لليهود من الاتحاد السوفيتي في أوائل التسعينيات، وضمانات القروض التي حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتحدة لتوطينهم هي المحرك الرئيسي للنمو الذي شهدته إسرائيل منذ أوائل التسعينيات، والذي انتشلها بشكل مؤقت من حالة الركود التضخمي التي كانت تسيطر عليها.
فمع بداية التسعينيات، نجح الاقتصاد الإسرائيلي في تحقيق واحداً من أعلى معدلات النمو في العالم في هذه الفترة، حيث بلغ في المتوسط ٥.٥% خلال الفترة من ١٩٩٠ - ١٩٩٦، ويرجع هذا النمو بالأساس - كما هو الحال في فترات النمو السابقة التي شهدها الاقتصاد الإسرائيلي - إلى النمو في عوامل الإنتاج (العمل ورأس المال) . فبالنسبة للعمل، شهدت هذه الفترة آخر موجات الهجرة الكبيرة التي تدفقت على إسرائيل، الأمر الذي ساهم في تنشيط الطلب على العديد من السلع والخدمات (مثل السلع المعمرة والإسكان) ، وأعطت دفعة كبيرة لقطاع البناء الذي نما بمعدلات متسارعة.
وعلى صعيد رؤوس الأموال، فقد اعتمدت إسرائيل في البداية على ضمانات قروض الإسكان التي قدمتها حكومة الرئيس الأمريكي بوش (١٠ مليار دولار) لتوطين المهاجرين، ومنذ عام ١٩٩٤، انعكس التقدم في عملية السلام على زيادة قدرة الاقتصاد الإسرائيلي على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة FDI والتي تجاوزت لأول مرة في تاريخ إسرائيل المليار دولار عام ١٩٩٥.