ولا يختلف ذلك عن رؤية رعنان فايتس رئيس قسم الاستيطان في الوكالة اليهودية إذ يقول:"إن مخططي الاستيطان الصهيوني عملوا على أساس أن حدود المستقبل للدولة اليهودية يجب أن تعيَّن من خلال أنظمة من المستوطنات السكانية، تبدأ كنقاط استيطانية وتأخذ بالتوسع لأكبر مساحة من الأرض وجمع أكبر عدد من يهود العالم وتركيزهم في (إسرائيل) من خلال عملية انقلاب ديموجرافي يحل من خلالها اليهود محل المواطنين العرب". وهكذا يرتبط الاستيطان بالتوسع بالإحلال. وهذه الرؤية هي التي تم تطبيقها في نهاية الأمر في فلسطين المحتلة قبل وبعد عام١٩٤٨ وقبل وبعد عام١٩٦٧، حيث تأخذ التوسعية الصهيونية في ظروف الكثافة السكانية العربيةشكل الزحف من قبل المستوطنات المختلفة التي يتم تشييدها ويتم تسمينها وتوسيعها لتطويق العرب داخل معازل.
والطريف أن هذا التصوُّر الصهيوني لا يختلف كثيراً عن التصوُّر التقليدي لبعض الحاخامات اليهود الذين شبهوا الأرض بجلد الإبل الذي ينكمش في حالة العطش والجوع ويتمدد بالشبع والري، فالأرض المقدَّسة تنكمش إذا هجرها ساكنوها من اليهود وتتمدد إن جاءها اليهود من كل بقاع الأرض. ويبدو أن القيادة الصهيونية، منطلقة من تصورات سياسية شبيهة، آثرت عدم إعلان دستور للدولة الصهيونية حتى يُترَك المجال مفتوحاً أمام التوسع اللانهائي، ذلك لأن الدستور (الرسمي) يتطلب رسماً دقيقاً للحدود.