للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللدلالة على أهمية هذه الأراضي بالنسبة لإسرائيل صرَّح إسحق رابين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بعد حرب ١٩٦٧ بأن "إسرائيل سوف ترتكب غلطة تاريخية، فيما لو تخلت عن المكاسب الإقليمية التي حققتها". ويؤكد "أننا وصلنا في حرب يونيه إلى خطوط عسكرية مثالية تعتبر في الوقت الحاضر أهم ما حققنا". والشرط الأساسي الذي وضعه رابين لتخلِّي إسرائيل عن بعض مكاسبها أو "انسحابها إلى خطوط أكثر تقلصاً من حدود يونيه ١٩٦٧" ليس إلا اعتراف العرب بوجود إسرائيل". ومن الواضح أن الانسحاب الكامل مسألة غير واردة في مخططات إسرائيل، ويعتبره رابين غلطة تاريخية. والسلام الذي تحدَّث عنه رابين لا يختلف كثيراً عن التسليم بالأمر الواقع والاستسلام لشروط إسرائيل ومطالبها التوسعية تحت ستار "الحدود الآمنة" وإغراء تقليص "الحدود الحالية" بعض الشيء.

ويمكن القول بأن نظرية الحدود الآمنة لم تكن مُدرَجة في المفهوم الإسرائيلي قبل حرب ١٩٦٧ حيث كانت إستراتيجيتها تعتمد على "الضربة الأولى الهجومية" أو "الحرب الاستباقية" و"نقل الحرب إلى أرض العدو"، ولكن انتصار ١٩٦٧ وتبنِّي نظرية "الحدود الآمنة" دفعها إلى اعتماد إستراتيجية "الدفاع الثابت المرن أو الإيجابي" مع "إستراتيجية الردع". ولكن حرب ١٩٧٣ نسفت كل آمال إسرائيل وأحلامها بحدود آمنة، وثبت بشكل قاطع أن كل الخطوط الدفاعية التي اعتمدت فيها إسرائيل على هذه الحدود واعتبرتها آمنة فشلت عند أول تجربة لها في حرب ١٩٧٣، وهو ما جعلها تعود إلى إستراتيجيتها القديمة والأصيلة القائمة على الحرب الإجهاضية أو الاستباقية ونظرية "الردع" و"ذرائع الحرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>