وقد ظلت التجارة بين الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل في الأساس نشاطاً من جانب واحد. فالمنتجات الإسرائيلية تدفقت إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة من غير أية إعاقة، في حين فرضت قيود كثيرة لا تتعلق بالتعريفة الجمركية (الأمن ـ السلامة والصحة ـ الحظر على الواردات) على الصادرات الفلسطينية إلى إسرائيل، ولم يكن مسموحاً للفلسطينيين أن يستوردوا إلا من خلال إسرائيل.
إن الاقتصاد الإسرائيلي مرهون بقيد السوق الذي يؤدي دور المحدد القسري الذي تحاول إسرائيل تجاوزه من خلال السياسة، فهناك أزمة فَيْض الإنتاج الناجمة عن التفاوت بين وتيرة نمو الطاقة الإنتاجية ووتيرة نمو الطاقة الاستهلاكية، فسعت إسرائيل إلى ربط اقتصاديات الضفة وغزة ربطاً وثيقاً بها، مع بقائهما منعزلتين من بعضهما البعض، وتبنت سياسة "الجسور المفتوحة" عبر إقامة وحدة جمركية وحيدة الجانب مع إسرائيل، ووضعت الحواجز والعراقيل لإضعاف القطاعات الإنتاجية الفلسطينية (الزراعة والصناعة) .
وظلت القطاعات الاقتصادية خاضعة لثقل سيطرة القوانين والسياسات الإسرائيلية، التي استخدمت تَحكُّمها في منح التراخيص لعرقلة النمو الصناعي عن طريق رَفْضها المتكرر منح التراخيص للفلسطينيين الراغبين في إنشاء مصانع. وأدَّت الأسعار المرتفعة الناجمة عن المصادرة المكثفة للأراضي الفلسطينية، والقيود المفروضة على استخدامها، وغياب النظام المصرفي الذي يؤمِّن التسليف، وفقر البنى التحتية والخدمات الداعمة للمشاريع إلى وَضْع المزيد من العراقيل أمام نمو قطاع الصناعة. وفي قطاع الزراعة أدت مصادرة الأراضي والتحكم في موارد المياه إلى فرض قيود واسعة على الزراعة الفلسطينية، وأدَّت المنافسة غير المتكافئة مع السلع الإسرائيلية إلى إضعاف قطاع الزراعة الفلسطينية، كما صارت شركات السياحة الفلسطينية ملحقة بالشركات الإسرائيلية أو الدولية.