للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا التحوُّل نحو الاقتصاد لا يعكس تراجعاً عن الأهداف الإسرائيلية الإستراتيجية والهيمنة السياسية والعسكرية وفرض السلام حسب الشروط الصهيونية، وإنما هو تحوُّل في التكتيك والإجراءات لتحقيق هذه الأهداف في ظل التغيرات والتحولات الجديدة على المستويين العالمي والإقليمي، فيتم إدماج إسرائيل في المنطقة وفق شروط تحفز نموها الاقتصادي، القائم على تفوُّقها التكنولوجي والعلمي، فتصبح إسرائيل الكبرى مفهوماً اقتصادياً لا جغرافياً، وفي هذه الحالة لا يعتبر قيام كيان فلسطيني محدود الصلاحيات خطراً على وجودها لأن اندماجه مع إسرائيل يُيسِّر عملية الهيمنة عليه وتوجيهه. وقد تم استخدام مصطلح «الشرق الأوسط» ليكون بالإمكان إدراج الكيان الصهيوني ضمن المنطقة العربية.

ويقوم المشروع الشرق أوسطي على عدة مبادئ أساسية أهمها: أن تحقيق السلام على أرض الواقع مرتبط بالتفاعل الاقتصادي، وأن خَلْق مصالح اقتصادية مُتبادَلة بين الأطراف الداخلة فيه يؤدي إلى تسهيل التوصل إلى حل سياسي، ويصبح هذا المشروع مفتاح حل جميع مشكلات العالم العربي من خلال ترويج مقولة السلام الذي يجلب الرخاء والتنمية، بحيث يحل محل الإنسان العربي والمسلم الخاص، إنسان اقتصادي عام لا يمارس أية رغبة في تجاوز واقعه المادي الاستهلاكي المباشر، حدوده حدود السوق، وأفقه أفق السلعة، وفضاؤه متعته، وسماؤه لذته. ويقوم هذا المشروع على إعطاء دور كبير للقطاع الخاص ورجال الأعمال، أو ما يُسمَّى «خصخصة صنع السلام» لأن صُنْع السلام في الشرق الأوسط أهم وأكثر تعقيداً من أن يُترَك للسياسيين والدبلوماسيين وحدهم، بل يجب أن تساعدها وتدعمها علاقات تجارية واقتصادية يقوم بها القطاع الخاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>