للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن المشروع الشرق أوسطي لا يقتصر على كونه سوقاً شرق أوسطية بمضمونها الاقتصادي بل إنه مشروع لنظام إقليمي جديد، أي أنه مشروع إستراتيجي له مقوماته السياسية والاقتصادية والأمنية والأيديولوجية، ويمر عبر إقامة نظام إقليمي جديد يؤسَّس على إعادة تركيب النظام الإقليمي العربي، بحيث لا يعود فاعلاً كواقع أو كمشروع، ويُستبدَل به نظام تحتل فيه إسرائيل موقعاً محورياً، وإن كان بصورة متدرجة ومرحلية. ورغم أن هذا المشروع يعاني ثغرات كبيرة، ورغم أنه ما زال في طور التجريب إلا أنه كتوجهات عامة يلقى دعماً دولياً وإقليمياً بما يملكه من مؤهلات مثل استناده إلى برنامج يحمل الأيديولوجيا الاقتصادية الليبرالية التي تحتفل بها مراكز الاقتصاد العالمي ومؤسساته، وطبيعته الإستراتيجية طويلة الأجل، في ظل غياب مشروع عربي بديل.

ولكن هناك توترات وثغرات أساسية تتعلق بطبيعة الدولة الصهيونية وتحديداً: بين العناصر التي تركز على اعتبارات الأمن، والعناصر التي تركز على اعتبارات اندماج إسرائيلي في المنطقة اقتصادياً؛ بين الحرص على الهوية الصهيونية بمضمونها الاستبعادي السلبي للآخر العربي، وطموحاتها السلمية التي ترغب في تفاعُل إيجابي مع ذلك الآخر؛ وبين الرغبة في الحفاظ على سمة وثقافة إسرائيل الأوربية وعلاقاتها المتميِّزة بأوربا والولايات المتحدة (اقتصادياً وسياسياً وثقافياً) ، وموضعها الجغرافي الشرق أوسطي وادعائها الانتماء الحضاري إلى المنطقة. كما نجد تباينات في الآراء بشأن بعض التوجهات الأساسية للمشروع داخل حزب العمل بصورة خاصة، وداخل اليسار الصهيوني بصورة عامة. ومن الطبيعي أن تتسع حدة تلك التباينات أو أن تتقلص بالتوازي مع تطورات مسار المفاوضات العربية ـ الإسرائيلية (بشقيها) ، وصيغ الاتفاقات التي يتم التوصل إليها، وأشكال ومشكلات وتناقضات تطبيقاتها على أرض الواقع.

مشروع إسرائيل الاقتصادي للشرق الأوسط

<<  <  ج: ص:  >  >>