يتميَّز كتاب شيمون بيريز الشرق الأوسط الجديد الذي صدر في أواخر عام ١٩٩٣ بعد توقيع إعلان المبادئ (غزة ـ أريحا) بأنه يمثل وجهة نظر رسمية، وقد قدَّم فيه ملخصاً لما جاء في هذا الكتاب في خطابه أمام الأمم المتحدة (٢٨ سبتمبر ١٩٩٣) ، بصفته ممثلاً لحكومة إسرائيل. وما طرحه شيمون بيريز لم يكن موجَّهاً إلى حكام العرب ومثقفيهم وحسب، ولكنه موجَّه كذلك إلى الرأي العام الغربي وإلى الصهاينة. فهناك بالفعل تغيُّر في المفاهيم وأشكال العمل تدعو لها حكومة إسرائيل، ويجب أن يدركها الجميع. لابد من ترشيد استخدام القوة وفقاً لما طرأ عالمياً وإقليمياً وداخل إسرائيل.
وقد لخص بيريز تحليله لهذه المتغيرات في: الصحوة الإسلامية، وظهور الصواريخ، والقذائف النووية والكيميائية:
١ ـ بالنسبة للنهضة الإسلامية، يُحذِّر بيريز من الخطر الذي تمثله على إسرائيل وعلى العالم كله! فيقول:"إننا نشهد الآن نهضة إسلامية، وهي تتميَّز حالياً بمعارضة قيم الغرب وحضارته، وبالتراجع عن الحياة الحديثة، وبدعوة لاستخدام القوة لإقامة جمهورية إسلامية أتوقراطية ومستبدة". ثم يضيف:"إن الحركة الإسلامية تتلقى توجيهات وأمولاً من الخارج ... إن خطرها يمتد من مصر والسودان إلى تركيا وجمهوريات آسيا الوسطى".
وهو يطلب من أنظمة الحكم العربية أن تقف مع إسرائيل في هذه الحرب ضد الصحوة الإسلامية، على أساس أن عداء هذه الصحوة لأنظمة الحكم أكبر من عدائها لإسرائيل. وما دام الاثنان يهددهما الخطر نفسه، إذن لابد من تعاونهما. وهو حين يتكلم عن خطورة الدول الإسلامية المجاهدة والمعادية لإسرائيل، نراه يضع إيران إلى جانب العراق وليبيا في سلة واحدة. والتهديد الذي تواجهه إسرائيل يصبح وخيماً ـ كما يقول ـ إذا تمكنت إحدى هذه الدول من امتلاك قوة نووية.