تمتد جذور الأحزاب الإسرائيلية إلى ما قبل الإعلان عن قيام الدولة الصهيونية، فقد ظهرت هذه الأحزاب على شكل حركات ومجموعات صهيونية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وتنظمت في العقد الثالث بشكل أحزاب. ويمكن القول بأن الأحزاب الصهيونية قبل الإعلان عن قيام الدولة كانت أحزاباً فوقية، تميَّزت مفاهيمها ونشاطاتها بالتناقضات الكثيرة بسبب افتقارها لأرضية طبيعية تنمو عليها، فبعضها سعى إلى تحقيق «مجتمع اشتراكي» والآخر سعى إلى تحقيق «مجتمع يميني ليبرالي» ، وكفلت الحركة الصهيونية بناء «اشتراكية كولونيالية» تقوم على تغييب العنصر العربي، وعلى توظيف الديباجات الاشتراكية في تحقيق أهداف الاستعمار الاستيطاني الإحلالي.
ويمكننا النظر إلى الأحزاب الإسرائيلية على أنها مؤسسات استيطانية/استيعابية أسست الدولة وليست أحزاباً توجد داخل الدولة. أما الدولة فهي مجرد تعبير شكلي عن وضع استيطاني قائم بالفعل جوهره المؤسسات الاستيطانية التي تدعى أحزاباً. وتظهر استيطانية الأحزاب في علاقة الأعضاء بها وفي الوظائف التي تضطلع بها، فالحزب ليس مجرد انتماء أيديولوجي، بل هو أيضاً انتماء اقتصادي وسلالي. فللأحزاب مشروعات الإسكان الخاصة بها وشركات البناء والمراكز التعاونية والمستشفيات ونظام الضمان الصحي، كما أن لها بنوكها ومكاتب التسليف والتوظيف التابعة لها. ولعل هذا الوضع يفسر ارتباط الأعضاء بالأحزاب في إسرائيل، ويفسر أيضاً ظاهرة الانضباط والمركزية في الأحزاب الإسرائيلية.
وهذه الأدوار موجودة قبل تأسيس الدولة الصهيونية، عندما كانت الأحزاب تتولَّى مباشرةً جلب اليهود وتوطينهم في فلسطين وتوفير فرص عمل وأماكن سكن لهم، ورعايتهم اجتماعياً وتثقيفهم سياسياً، ودمجهم في الحياة السياسية. وهذه الأدوار مستمرة حتى الآن رغم قيام الدولة بكثير من تلك المهام.