وتختلف الأحزاب السياسية الصهيونية الإسرائيلية عن نظيرتها في البلاد الأخرى، لذا سنحاول أن نصنف هذه الأحزاب بما يتفق مع واقعها وممارستها داخل إطار المجتمع الاستيطاني، مستخدمين معيارين أساسيين: الموقف من الاستيطان الصهيوني والموقف من علاقة الدين بالدولة.
١ ـ لعل استيطانية الكيان الصهيوني (والموقف من الفلسطينيين والعرب) هو العنصر الأساسي الذي يتحكم فيه، ولذا نجد أن التناقض الأساسي في هذا الكيان هو الصراع مع العرب وليس الصراعات الجيلية أو العرْقية أو الطبقية. وينتج عن هذا أن نظامنا التصنيفي يجب أن ينطلق من تقسيم الأحزاب الإسرائيلية في علاقتها بالتناقض الأساسي الخارجي، فهي إما أحزاب صهيونية تدافع عن الاستيطانية وتدعمها بدرجات متفاوتة من الحماس والفتور، أو أحزاب غير صهيونية ترفض الكيان الصهيوني ولديها استعداد لحسم التناقض الأساسي الذي يواجه المجتمع الإسرائيلي بطريقة مركبة رشيدة. وما يحدد يمينية ويسارية أي حزب في إسرائيل هو علاقته لا بالتناقضات الداخلية (العرْقية والطبقية) في المجتمع الإسرائيلي، وإنما علاقته بالتناقض الأساسي الخارجي. فالأحزاب الصهيونية التي تؤيد الاستيطان/الإحلالي هي أحزاب «يمينية»(إن صح التعبير) لأنها تؤيد المشروع الاستعماري الغربي وممثلته الدولة الوظيفية الصهيونية، حتى لو كان "برنامجها" الاقتصادي الذي تدافع عنه "اشتراكياً" يضمن المساواة (والاشتراكية كما بيَّنا إن هي إلا ديباجات الاقتصاد الاستيطاني) . أما الأحزاب المعادية للصهيونية فهي أحزاب يمكن أن نسميها «يسارية» طالما أن لديها استعداداً للتعامل بشكل عقلاني محدد مع التناقض الأساسي الذي يتحكم في المجتمع الإسرائيلي، حتى لو كان برنامجها الاجتماعي أو العرْقي يمينياً/ليبرالياً. ولعل الحزب الشيوعي (القسم العربي) هو الحزب اليساري المعادي للصهيونية. وقد ظهرت مجموعة من الأحزاب العربية في التسعينيات ترفض صهيونية الدولة