للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب أن نؤكد أننا، حينما نقول "يستجلب المجتمع"، لا نعني أن هذه عملية واعية يقوم بها أعضاء مجتمع ما، فهي في واقع الأمر عملية غير واعية كما هو الحال مع معظم الظواهر الاجتماعية. وكثيراً ما تكون هذه العملية غير مفهومة لمن يقومون بها، سواء أكان المجتمع المضيف أم الجماعة الوظيفية. بل إن هذه العملية الاجتماعية قد تتم رغم الرفض الواعي لها من قبَل المجتمع والجماعة. وكل ما نرمي إليه هنا هو أن نشير مجرد إشارة إلى أن هذه عملية اجتماعية مركبة إلى أقصى حد تتداخل فيها الأسباب بالنتائج، ونحاول فهم بعض جوانبها وتفسيرها قدر استطاعتنا. ولكننا، لقصور لغتنا البشرية، نضطر إلى الإشارة إلى المجتمع وأعضائه كما لو كان ذاتاً واعية ينجز عملياته بشكل واع.

ويتوارث أعضاء الجماعة الوظيفية الخبرات في مجال تخصصهم الوظيفي عبر الأجيال ويحتكرونها، بل يتوحدون بها، وفي نهاية الأمر يكتسبون هويتهم ورؤيتهم لأنفسهم منها بحيث يتم تعريف الإنسان من خلال الوظيفة وحسب لا من خلال إنسانيته الكاملة، فيصبح عضو الجماعة الوظيفية إنساناً ذا بُعد واحد يمكن اختزال إنسانيته إلى هذا البُعد أو المبدأ الواحد، وهو وظيفته.

أسباب ظهور وتطور الجماعات الوظيفية

قد يكون من المفيد عرض بعض الأسباب التي تؤدي إلى ظهور الجماعات الوظيفية، فمعرفة الأسباب تلقي ضوءاً كاشفاً على السمات الأساسية:

<<  <  ج: ص:  >  >>