Zionist Dimension of the Israeli Concept of National Security
تُعَد نظرية الأمن القومي في إسرائيل ذات مركزية خاصة بالنسبة للكيان الصهيوني. فالمشروع الصهيوني مشروع استيطاني مبني على نقل كتلة بشرية لتحل محل الفلسطينيين وتغيبهم (فيما نسميه بمقولة «العربي الغائب» ) وتلغي تاريخهم وتستولي على أرضهم، وهو ما لن يتحقق إلا من خلال العنف والقوة العسكرية وخلق الحقائق الاقتصادية والسياسية والاستيطانية، وهذا هو الإطار الحقيقي الذي تدور داخله نظرية الأمن الإسرائيلي. وما عقلية الحصار سوى نتاج لهذا الوضع البنيوي، أي أن نظرية الأمن الإسرائيلي والهاجس الأمني يفترض أن الصراع حالة دائمة.
هذا الإدراك يعبِّر عن نفسه في كثير من المفاهيم التي تشكل ركائز نظرية الأمن في إسرائيل التي تدور جميعها حول فكرة إلغاء الزمان والارتباط بالمكان. فهناك فكرة الأمن السرمدي، أي أن أمن إسرائيل مهدَّد دائماً، وأن حالة الحرب مع العرب حالة شبه أزلية، وأن البقاء هو الهدف الأساسي للإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية. وقد عبَّر حاييم أرونسون عن هذه الرؤية في إحدى دراساته بالإشارة إلى ما سماه «حرب المائة عام»(١٨٨٢ ـ ١٩٨٢) ، أي الحرب الدائمة بين العرب والصهاينة. وهو يذهب إلى أن هذه الحرب لا تزال مستمرة، ويُفسِّر هذا الاستمرار على أساس أن إسرائيل بلد غربي حديث يعيش في وسط عربي لا يزال يخوض عملية التحديث ومن ثم فهو معرَّض للقلاقل ولا يمكن عقد سلام معه. ويتوقع أرونسون أن تستمر الحرب لفترة أخرى إلى حين الانتهاء من تحديث العالم العربي. وقد تحدَّث موشيه ديان عن إين بريرا "لا خيار"، فعلى المستوطنين أن يستمروا في الصراع إلى ما لا نهاية (وأسطورة ماساداه الشمشونية تعبير عن هذه الرؤية المظلمة) .