للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضافرت مجموعة من العوامل تاركة آثاراً مهمة على مجمل الأوضاع في المنطقة العربية وعلى مقومات مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي، حيث شهد عقد التسعينيات تحولات وتطورات غيَّرت مفاهيم كثيرة كانت راسخة، وقلبت موازين كانت مستقرة، فقد اختفت الدولة السوفيتية من الخريطة السياسية العالمية، وأدَّى انتهاء الحرب الباردة إلى فقدان العديد من الدول العربية الفاعلة حليفها الإستراتيجي القديم، وإلى انعدام هامش المناورة أمامها، الأمر الذي قلَّص إلى حدٍّ بعيد قدرتها على شن حرب ضد إسرائيل، ولكنها أدَّت إلى تقوية الموقف الإسرائيلي في الميزان الإستراتيجي، فضلاً عن اتساع نطاق هجرة اليهود السوفييت وبخاصة من العلماء وذوي الكفاءات والخبرات، وتنامت العلاقات الروسية الإسرائيلية حتى تُوِّجت بتوقيع اتفاق للتعاون الدفاعي والأمني في ديسمبر ١٩٩٥. وفي ظل انفراد الولايات المتحدة بالهيمنة في الساحة العالمية، تم توطيد التحالف الإستراتيجي الأمريكي ـ الإسرائيلي، وامتد إلى مجال أنظمة التسلح الكبرى التي تعتمد في الأساس على الثورة التكنولوجية، كما أبرزت تلك التطورات العالمية علو شأن الاقتصاد والاتجاه نحو التكتلات الاقتصادية. ورغم ذلك فلم تَعُد الخيارات السياسية أمام إسرائيل بالاتساع الذي كانت عليه سابقاً، وهذا ما يفسر مقولة جيمس بيكر "إن إسرائيل الكبرى فكرة ليست واقعية وليست ممكنة"، لأن تحقيق ذلك الهدف يتطلب أن يكون لدى إسرائيل قوة تُمكِّنها من فَرْض سيطرتها على المنطقة دون دعم خارجي تتحمل الولايات المتحدة تكلفته السياسية والمالية وتتحمل معها مزيداً من العداء من قبَل الشعوب العربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>