للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى صعيد البيئة الإقليمية، أثبتت خبرة الحروب العربية ـ الإسرائيلية فشل الحرب في تأمين السلام لإسرائيل وعجزها عن توفير الأمن لها، في حين رأى عدد كبير من أعضاء المؤسسة الصهيونية أن التفاوض مع العرب بضمانات دولية قد يلبي الحاجة إلى الأمن وخصوصاً في ظل تَزايُد إدراكها أنها رغم تَفوُّقها العسكري لم تتمكَّن من فرض استسلام غير مشروط على العرب، بل على العكس فقد تمكَّن العرب من تجاوز العديد من مضاعفات وآثار هذا التفوق. وأثبتت حرب ١٩٧٣ وغزو لبنان ١٩٨٢ محدودية القوة الإسرائيلية وعجزها.

ثم جاءت الانتفاضة، ويمكن القول بأن أقوى ضربة وجِّهت لنظرية الأمن الإسرائيلي هي الانتفاضة التي أصبح بعدها إنكار وجود الشعب الفلسطيني غير ممكن. ومن هنا كان الاعتراف بهم بوصفهم «الفلسطينيين» ، كما في صيغة مدريد واتفاقية أوسلو. وبذلك لم تَعُد نظرية الأمن الإسرائيلي تختص بالأمن الخارجي > إذ أصبح الداخل هو الآخرمصدرتهديد، وهو ما لا تستطيع إسرائيل حياله شيئاً فهي لا تستطيع أن تحرك جيوشها لقمع الانتفاضة. وبذلك أسقطت الانتفاضة الدور الوظيفي للجيش الإسرائيلي، ولو مؤقتاً، كما أنها غيَّرت مفهوم الأمن لديها من كونه تهديداً خارجياً إلى كونه هاجساً أمنياً داخلياً لا يمكن السيطرة عليه مهما بلغت قوة إسرائيل العسكرية من بأس وشدة. ولعل هذا هو الذي دفع الإسرائيليين بالمطالبة بأن يتزامن توقيع اتفاق أوسلو مع إعلان الفلسطينيين وقف الانتفاضة، وهو ما لم ينجح أبداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>