والتقديرات الإستراتيجية الإسرائيلية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتدمير القوة العسكرية العراقية تخلُص إلى التهوين من احتمال نشوب حرب عربية شاملة ضد إسرائيل على المستويين القصير والمتوسط (مع عدم استبعادها على المدى الطويل) ، مع تحوُّل الدول العربية نحو الشكل السلمي للصراع، وفي ظل التحالف الإستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي. ورغم انكماش التهديدات الفعلية واسعة النطاق الماثلة أمام إسرائيل، فإن هناك طائفة واسعة من التهديدات المحتملة والكامنة والمقصورة، فمن ناحية أولى طرأت نوعيات جديدة من التهديد العسكري ليس من اليسير إيجاد حلول عسكرية واضحة لها، بل أصبح من الصعب تشخيصها وما إذا كانت ذات طبيعة دفاعية أم هجومية. وأبرز مثال على ذلك الانتفاضة الفلسطينية، وانتشار الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية ووسائل إيصالها وبخاصة الصواريخ البالستية.
ومن ناحية ثانية أدى تطوُّر العملية السلمية وانكماش التهديدات الخارجية واسعة النطاق إلى بدء تبلور "التهديد الداخلي" الناتج عن ضعف التماسك الاجتماعي والتكامل القومي فتفاقمت التناقضات الداخلية الناتجة عن طبيعة التركيب الاجتماعي/السياسي للدولة الصهيونية، وهو ما بلغ أخطر مراحله باغتيال رئيس الوزراء السابق إسحق رابين.
مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي وعملية التسوية السلمية
Israeli Concept of National Security and the Process of Peaceful Settlement