وتبدأ معزوفة السلام الإسرائيلية بالمناداة بالبُعد عن عُقَد التاريخ وأن تتناسى كل دول المنطقة خلافاتها لمواجهة الخطر الأكبر (الاتحاد السوفيتي ـ الإسلام ... إلخ) . وأن نقطة البداية لابد أن تكون الأمر الواقع. وهذا المفهوم يفترض أن إسرائيل ليست التهديد الأكبر، مع أن الأمر الواقع الذي يُطلَب منا أن نبدأ منه يقول عكس ذلك. فهو أمر واقع مؤسَّس على العنف ويؤدي إلى الظلم والقمع وهو ليس ابن اللحظة وإنما هو نتيجة ظلم تاريخي ممتد من الماضي إلى الحاضر. وهذا الظلم والقمع هو مصدر الصراع والحروب والاشتباك. فالمسألة ليست عُقَداً آنية أو تاريخية، وإنما بنية الظلم التي تشكلت في الواقع ولا يمكن تأسيس سلام حقيقي إلا إذا تم فكُّها.
بعد تناسي عقد التاريخ يطالب الصهاينة بوقف المقاومة واستسلام الفدائيين مقابل تسليم بعض المدن والقرى التي لا "تنسحب" منها القوات الإسرائيلية الغازية، وإنما "يُعاد نشرها"، وهذا ما يسمونه «الأرض مقابل السلام» . والقوات الإسرائيلية لا تنسحب، لأن أرض فلسطين هي أرض الشعب اليهودي، والقوات الوطنية لا تنسحب من أرض الوطن وإنما يعاد نشرها فيه وحسب. ولذا رغم اتخاذ هذه الخطوة الرمزية الإعلامية فإن الاستيطان سيستمر على قدم وساق (تحدَّث شامير عن استمرار التفاوض في مدريد لمدة عشر سنوات والمضي أثناء ذلك في الاستيطان) والقدس ستظل عاصمة إسرائيل الأبدية.