ونحن نرى أنه قد يكون هناك نقط تشابه كبيرة بين التصور النازي والصهيوني للحكم الذاتي، فالنازيون أسسوا جيتوات كانت تأخذ شكل مناطق قومية تتمتع بقدر كبير من الاستقلال. فكان يتم إخلاء رقعة من إحدى المدن من غير اليهود ثم يُنقَل إليها عشرات الآلاف من اليهود ويُعاد نشر القوات النازية وتُسلَّم لسلطة يهودية شبه مستقلة تُسمَّى «مجلس الكبراء»(كانت السلطات النازية تعيِّن أعضاءه) . وكان لجيتو وارسو (أهم المناطق القومية) طوابعه وشرطته (التي كانت تحرس مداخل الجيتو مع الشرطة البولندية والنازية) . وكانت الشرطة اليهودية متعاونة تماماً مع النازيين في كبح جماح اليهود. وكان للجيتو اقتصاده " المستقل " الذي كان يعتمد اعتماداً كاملاً على النظام النازي. فقد كان الجيتو يقوم باستيراد كل ما يحتاجه من مواد صناعية أو غذائية من سلطة الاحتلال النازية على أن يسدد ثمن الواردات بالمنتجات الصناعية التي كان الجيتو ينتجها، أو الخدمات التي كان يؤديها بعض أعضائه. ولكن وضع التبادل لم يكن متكافئاً، فقيمة السلع التي كان الجيتو ينتجها والخدمات التي كان أعضاؤه يؤدونها كانت دائماً دون حد الكفاف، وهو ما كان يعني سوء التغذية وتزايد الفقر ويؤدي إلى الموت جوعاً، وبذلك كانت تتم إبادة اليهود بالتدريج وببطء دون أفران غاز.
ومع هذا لابد أن ندرك أن ثمة فروق قد لا تكون جوهرية ولكنها كبيرة بين رؤية حزب العمل والرؤية الليكودية للحكم الذاتي تنبع من تصورهم لوضع إسرائيل الدولي والمحلي ومقدرتها على قمع الفلسطينيين وتحقيق الأمن لنفسها. وهذه الفروق تعبِّر عن نفسها في البرامج السياسية لكلا الحزبين. ومع هذا من الملاحظ أننا حينما ننتقل من عالم النظرية والبرامج إلى عالم الممارسة فإن نقط الاتفاق والإجماع تؤكد نفسها على حساب نقط الاختلاف.