في هذا الإطار ظهر مفهوم الحكم الذاتي الذي يرى أن الحقوق اليهودية في فلسطين مطلقة، أما الحقوق الفلسطينية فليست أصيلة. فالأرض ملك للشعب اليهودي وقد تَصادَف وجود شعب فيها. ولذا فإن أية حقوق تُمنح للفلسطينيين هي من قبيل التسامح الصهيوني أو التكيف البرجماتي مع أمر واقع وتعبيراً عن هذا تقرَّر فصل الشعب (العرضي الزائل) عن الأرض الصهيونية. ولذا فالحكم الذاتي هو تعامل مع بشر وليس مع أرض ومنح السكان بعض الحقوق دون أن يكون على الأرض ظل من السيادة فالحكم الذاتي باختصار حكم للشعب دون الأرض. ولذا فالسلطة الفلسطينية ليس لها سلطة على المجال الجوي أو موارد المياه في الأراضي وليس من حقها تشكيل جيش فلسطيني. والفلسطينيون يعيشون في مدن وقرى أشبه بالمعازل في المناطق كثيفة السكان إذ تظل إسرائيل المسئولة عن الأمن في كل المناطق وتحديد المعابر والشواطئ والطرق الرئيسية. فالحكم الذاتي قد منح الفلسطينيين درجة من الاستقلال على أن تبقى الصلاحية في أيدي الصهاينة.
وقد وُصفت السلطة الفلسطينية بأنها أكثر من حكم ذاتي وأقل من دولة. فقال أحد الكُتَّاب العرب إن الحكم الذاتي يعني، في واقع الأمر، قيام محمية إسرائيلية تخدم المصالح الإسرائيلية. وقد شبَّهه نتنياهو بالنظام السياسي القائم في أندورا وبورتوريكو (وهي دولة حرة تابعة للولايات المتحدة يحمل سكانها الجنسية الأمريكية دون أن يكون لهم حق التصويت في الانتخابات) . ولعل بورتوريكو قد لاقت هوى في نفس نتنياهو لأنها جزيرة وليست جزءاً من الأرض الأمريكية، فهي بمنزلة معزل لسكانها. وقد وصف أحدهم الحكم الذاتي بأنه يُعرِّف فلسطين بأنها ٥٠٠ قرية وثماني مدن رئيسية تفصل بينها طرق التفافية وتديرها إسرائيل وفق تصوُّرها للأمن، أي أن الوطن الفلسطيني تم تفكيكه ليصبح معازل، تماماً كما فُكِّك مفهوم الفلسطيني ليصبح كائناً اقتصادياً لا انتماء له.